638 lines
117 KiB
Text
638 lines
117 KiB
Text
|
الكافرين نعمته، والعائدين عن سبيل الحق المرتضاة عنده. ولنكمل الآن هذا الفن بتأييد ولي الخيرات، وقابل الحسنات.
|
|||
|
من نصرة الحق وتأييد الصدق، ويبلغنا بذلك درجة من ارتضى نيته وقبل فعله، ووهب له الفلج والظفر على أضداده
|
|||
|
جنته الواقية، ويهب لنا نصرة غروب أسلحته النافذة والتأييد بعز قوته العالية حتى يبلغنا بذلك نهاية نيتنا
|
|||
|
فضائحهم، والمخبرة عن عورات نحلهم المردية، وأن يحوطنا ومن سلك سبيلنا بحصن عزه الذي لا يرام، وأن يلبسنا سرابيل
|
|||
|
ربوبيته، وإيضاح وحدانيته، وذب المعادين له، والكافرين به عن ذلك بالحجج القامعة لكفرهم، والهاتكة لسجوف
|
|||
|
بألسنتهم، والتمسك بها اضطرار عليهم. فنحن نسأل المطلع على سرائرنا، والعالم اجتهادنا، في تثبيت الحجة على
|
|||
|
وأن يعطوا على ذلك برهاناً، وإعطاء العلة والبرهان من قنية علم الأشياء بحقائقها. فواجب إذن طلب هذه القنية
|
|||
|
إقتناءها يجب أو لا يجب، فإن قالوا إنه يجب وجب طلبها عليهم، وإن قالوا إنها لا تجب وجب عليهم أن يحصروا علة ذلك،
|
|||
|
ونحن قائلون الآن. وذلك باضطرار يجب على ألسنة المضادين لها اقتناؤها، وذلك أنهم لا يخلون من أن يقولوا إن
|
|||
|
وإيثارها. فواجب إذن التمسك بهذه القنية النفيسة عند ذوي الحق، وأن نسعى في طلبها بغاية جهدنا لما قدمنا:
|
|||
|
إنما أتت بالإقرار بربوبية الله وحده وبلزوم الفضائل المرتضاة عنده؛ وترك الرذائل المضادة للفضائل في ذواتها
|
|||
|
منه. واقتناء هذه جميعاً هو الذي أتت به الرسل الصادقة عن الله جل ثناؤه، فإن الرسل الصادقة صلوات الله عليها
|
|||
|
بحقائقها الربوبية، وعلم الوحدانية، وعلم الفضيلة، وجملة علم كل نافع والسبيل إليه، والبعد عن كل ضار والاحتراس
|
|||
|
بالدين لم يكن له، ويحق أن يتعرى من الدين من عاند قنية علم الأشياء بحقائقها وسماها كفراً. لأنفي علم الأشياء
|
|||
|
استحقاق بل للترؤس والتجارة بالدين وهم عدماء الدين، لأن من تجر بشيء باعه، ومن باع شيئاً لم يكن له، فمن تجر
|
|||
|
وكانوا منها في الأطراف الشاسعة - لموضع الأعداء الحربية الواترة، ذبا عن كراسيهم المزورة التي نصبوها عن غير
|
|||
|
البهيمية والحاجب بسدف سجوفه أبصار فكرهم عن نور الحق ووضعهم ذوي الفضائل الإنسانية - التي قصروا عن نيلها
|
|||
|
يستحق ذو الجلالة في الرأي والاجتهاد في الأنفاع العامة الكل، الشاملة لهم، ولدرانة الحسد المتمكن من أنفسهم
|
|||
|
أهل الغربة عن الحق، وإن تتوجوا بتيجان الحق من غير استحقاق: لضيق فطنتهم عن أساليب الحق، وقلة معرفتهم بما
|
|||
|
الانحصار إن الاتساع في القول المحلل لعقد العويص الملتبسة، توقياً سوء تأويل كثير من المتسمين بالنظر في دهرنا من
|
|||
|
لم يقولوا فيه قولاً تاماً على مجرى عادة اللسان وسنة الزمان، وبقدر طاقتنا، مع العلة العارضة لنا في ذلك من
|
|||
|
موضوعاتنا من إحضار ما قال القدماء في ذلك قولاً تاماً على أقصد سبله وأسهلها سلوكاً على أبناء هذه السبيل، وتتميم ما
|
|||
|
الحق. يحسن بنا، إذا كنا حراصاً على تتميم نوعنا - إذ الحق في ذلك - أن نلزم في كتابنا هذا عاداتنا في جميع
|
|||
|
شيء أولى بطالب الحق من الحق. وليس يبخس الحق، ولا يصغر بقائله ولا بالآتي به. ولا أحد بخس الحق؛ بل كان يشرفه
|
|||
|
نستحي من استحسان الحق، واقتناء الحق من أين أتى، وإن أتى من الأجناس القاصية عنا، والأمم المباينة، فإنه لا
|
|||
|
كانوا سبب كونهم، فضلاً عن أنهم سبب لهم. وإذ هم سبب لنا إلى نيل الحق فما أحسن ما قال في ذلك. وينبغي لنا أن لا
|
|||
|
الكثيرة. فأما أرسطو طاليس مبرز اليونانيين في الفلسفة فقال: ينبغي أن نشكر آباء الذين أتوا بشيء من الحق، إذ
|
|||
|
نظره، وآثر الدأب ما اجتمع بمثل ذلك من شدة البحث وإلطاف النظر وإيثار الدأب في إضعاف ذلك من الزمان الأضعاف
|
|||
|
ولزوم الدأب، وإيثار التعب في ذلك. وغير ممكن أن يجتمع في من المرء الواحد وإن اتسعت مدته واشتد بحثه، ولطف
|
|||
|
مطلوباتنا الحقية. فإن ذلك إنما اجتمع في الأمصار السالفة المتقادمة عصراً بعد عصر إلى زماننا هذا، مع شدة البحث
|
|||
|
لو لم يكونوا لم يجتمع لنا من شدة البحث في مددنا كلها هذه الأوائل الحقية، التي بها خرجنا إلى الأواخر من
|
|||
|
أشركونا في ثمار فكرهم، وسهلوا لنا الخفية الحقية، بما أفادونا من المقدمات المسهلة لنا سبل الحق. فإنهم
|
|||
|
منهم اجتمع من ذلك شيء له قدر جليل. فينبغي أن يعظم شكرنا للآتين بيسير الحق فضلاً عمن أتى بكثير من الحق: إذ
|
|||
|
وإما نال منه شيئاً يسيراً بالإضافة إلى ما يستأهل الحق. فإذا جمع يسير ما نال كل واحد من النائلين من الحق
|
|||
|
الحق، بما يستأهل الحق، حد من الناس بجهد طلبه، ولا أحاط به جميعهم، بل كل واحد منهم إما لم ينل منه شيئاً،
|
|||
|
من نيل حقيقته. وسيما إذ هو بين عندنا، وعند المبرزين من المتفلسفين قبلنا من غير أهل لساننا، إنه لم ينل
|
|||
|
كانوا لنا أنساباً وشركاء فبما أفادونا من ثمار فكرهم، التي صارت لنا سبلاً وآلات مؤدية إلى علم كثير مما قصروا
|
|||
|
الصار الهزلية، فكيف بالذين هم أكثر أسباب منافعنا العظام الحقيقية الجدية. فإنهم وإن قصروا عن بعض الحق، فقد
|
|||
|
جهة الشيء الأتقن علميه، وأول بالزمان إذ هي علة الزمان. ومن أوجب الحق ألا نذم أحد من كان أحد أسباب منافعنا
|
|||
|
الأولى الفلسفة الأولى، إذ جميع باقي الفلسفة منطو في علمها. وإذن هي أول بالشرف وأول بالجنس، وأول بالترتيب من
|
|||
|
عنصرها، وصورتها، وعلتها التمامية، فقد أحطنا بعلم حدها. وكل محدود فحقيقته في حده. فبحق ما سمي علم العلة
|
|||
|
أحطنا بعلم جنسها، ومتى أحطنا بعلم صورتها فقد أحطنا بعلم نوعها، وفي علم النوع علم الفصل، فإذا أحطنا بعلم
|
|||
|
تبحثان عن نوعها، ولم عن علتها التمامية إذ هي باحثة عن العلة المطلقة. وبين أنا متى أحطنا بعلم من عنصرها فقد
|
|||
|
فأما هل فإنها باحثة عن الأنية فقط؛ وإن كل أنية لها جنس، فإن ما تبحث عن جنسها، وأي تبحث عن فصلها، وما وأي
|
|||
|
والمطالب العلمية أربعة كما حددنا في غير موضع من أقاويلنا الفلسفية: إما هل، وإما ما، وإما أي، وإما لم،
|
|||
|
أن تكون عنصراً، وإما صورة وإما فاعلة: أعني ما منه مبدأ الحركة، وإما متممة: أعني ما من أجله كان الشيء.
|
|||
|
أشرف من علم المعلول، لأنا إنما نعلم كل واحد من المعلومات علماً تاماً إذا أحطنا بعلم علته. لأن كل علة إما
|
|||
|
الذي هو علة كل حق. ولذلك يجب أن يكون الفيلسوف التام الأشرف هو المرء المحيط بهذا العلم الأشرف: لأن علم العلة
|
|||
|
حقيقة، فالحق اضطراراً موجود إذن الأنيات موجودة. وأشرف الفلسفة وأعلاها مرتبة الفلسفة الأولى: أعني علم الحق الأول
|
|||
|
انتهينا إلى الحق. ولسنا نجد مطلوباتنا من الحق من غير علة، وعلة وجود كل شيء وثباته الحق: لأن كل ما له أنية له
|
|||
|
الإنسان؛ لأن غرض الفيلسوف في علمه إصابة الحق، وفي عمله العمل بالحق، لا الفعل سرمداً، لأنا نمسك وينصرم الفعل إذا
|
|||
|
إن أعلى الصناعات الإنسانية منزلة، وأشرفها مرتبة صناعة الفلسفة التي حدها: علم الأشياء بحقائقها بقدر طاقة
|
|||
|
الذين من استمسك بهديهم سعد في دار الدنيا، ودار الأبد، وزينك بجميع ملابس الفضيلة وطهرك من جميع طبع الرذيلة.
|
|||
|
|
|||
|
كتاب الكندي إلى المعتصم بالله في الفلسفة الأولى أطال الله بقاءك يا ابن ذرى السادات، وعرى السعادات،
|
|||
|
|
|||
|
الفن الثاني
|
|||
|
|
|||
|
مقصوداتنا. فإذا تقدمت هذه الوصايا فينبغي أن نقدم القوانين التي نحتاج إلى استعمالها في هذه الصناعة، فنقول:
|
|||
|
تحفظنا هذه الشرائط سهلت علينا المطالب المقصودة؛ وإن خالفنا ذلك أخطأنا أغراضنا من مطالبنا، وعسر علينا وجدان
|
|||
|
تمثيلاً، ولا في أوائل العلم الطبيعي الجوامع الفكرية، ولا في البلاغة برهاناً، ولا في أوائل البرهان برهاناً، فإنا
|
|||
|
سبل الحق. فينبغي أن نقصد لكل مطلوب ما يجب، ولا نطلب في العلم الرياضي إقناعاً، ولا في العلم الإلهي حساً ولا
|
|||
|
المطلوبات، وبعضهم أراد استعمال ذلك في وجود مطلوبه، أما للتقصير عن علم أساليب المطلوبات، وإما لعشق التكثير من
|
|||
|
جرى على عادة شهادات الأخبار، وبعضهم جرى على عادة الحس، وبعضهم جرى على عادة البرهان لما قصروا عن تمييز
|
|||
|
الناظرين في الأشياء التمييزية، لأن منهم من جرى على طلب عادة الإقناع، وبعضهم جرى على عادة الأمثال، وبعضهم
|
|||
|
الرياضي كانت إحاطتنا به ظنية لا علمية. وكذلك لكل نظري تمييزي وجود خاص غير وجود الآخر. ولذلك مثل أيضاً كثير من
|
|||
|
الإنسان إذاً. وكذلك ينبغي ألا نطلب الإقناعات في العلوم الرياضية بل البرهان فإنا إن إستعملنا الاقناع في العلم
|
|||
|
إن رمنا علم ما الإنسان الذي هو الحي الناطق الميت، ولم نعلم ما الحي وما الناطق وما الميت، فليس نعلم ما
|
|||
|
لكل برهان برهان، فلا يكون لشيء وجود بتة، لأن ما لا ينتهي إلى علم أوائله فليس بمعلوم، فلا يكون علماً بتة. لأنا
|
|||
|
بالبرهان، لأنه ليس كل شيء برهان، إذ البرهان بعض الأشياء، وليس للبرهان برهان، لأن هذا يكون بلا نهاية. إن كان
|
|||
|
هو علم ما لا يتحرك. وقد ينبغي ألا نطلب في إدراك كل مطلوب الوجود البرهاني، فإنه ليس كل مطلوب عقلي موجوداً
|
|||
|
الحركة حركة، ولا علة المتحرك متحرك. فإذن ما فوق الطبيعيات ليس بمتحرك. فإذن قد وضح أن علم ما فوق الطبيعيات
|
|||
|
ما فوق الطبيعيات هو لا متحرك لأنه ليس يمكن أن يكون الشيء علة كون ذاته، كما سنبين بعد قليل. فإذن ليس علة
|
|||
|
في أوائل الطبيعة - هو علة كل حركة. إذن فالطبيعي هو كل متحرك، فإذن علم الطبيعيات هو علم كل متحرك. فإذن
|
|||
|
ما علة الواقع تحت ذلك العلم. فإنا إن بحثنا ما علة الطباع الذي هو علة الأشياء الطبيعية وجدناه - كما قلنا
|
|||
|
فمن استعملها في البحث عن الطبيعيات حاد وعدم الحق. فلذلك يحب على كل باحث علم من العلوم أن يبحث أولاً عن
|
|||
|
الأشياء الطبيعية الفحص الرياضي، إذ هي خاصة ما لا هيولى له. فإذا هي كذلك، فالفحص بها على ما ليس بطبيعي.
|
|||
|
فهي متحركة، والطبيعة علة أولية لكل متحرك ساكن، فإذن كل طبيعي فذو هيولى، فإذن لم يكن أن يستعمل في وجود
|
|||
|
الطبيعية إذا استعملوا الفحص التعليمي، لأن ذلك إنما ينبغي أن يكون فيما لاه يولى له، لأن الهيولى موضوعة الانفعال
|
|||
|
أو الرسائل، أو الشعر، أو القصص، إلى ما كان حديثاً، لعادتهم للحديث أو الخرافات من بدء النشوء. وفي الأشياء
|
|||
|
عاداتهم للحس. مثل الصبي فإن التعليم إنما يكون سهلاً في المعتادان؛ ومن الدليل على ذلك سرعة المتعلمين من الخطب،
|
|||
|
العلة تحير كثير من الناظرين في الأشياء التي فوق الطبيعة إذ استعملوا في البحث عنها تمثلها في النفس، على قدر
|
|||
|
بذلك مع وضوحه في العقل، أعشى عنه أتعشى عين الوطواط عن نيل الأشخاص البينة الواضحة لنا في شعاع الشمس. ولهذه
|
|||
|
وكدر الجيران. فإنها بهاتين المسألتين كان الحق من جهة سهلاً، ومن جهة عسيراً: لأن من طلب تمثل المعقول ليجده
|
|||
|
عن جميع الرذائل - هذه المقدمة، لتكون لك دليلاً قاصداً سواء الحقائق، وشهاباً حاسراً عن عين عقلك ظلمة الجهل
|
|||
|
بالهيولى، فلن يجد لها مثلاً في النفس، بل يجدها بالأبحاث العقلية. فاحفظ - حفظ الله عليك جميع الفضائل، وصانك
|
|||
|
في النفس، إنما هو وجود عقلي اضطراري، فمن يبحث الأشياء التي فوق الطبيعة أعني التي لا هيولى لها، ولا تقارن
|
|||
|
يكون. فإذن جسم الكلاء ملاء بعده، لأنه لا جسم بعهده، ولا خلاء بعده كما بينا. فهذا واجب اضطراراً، وليست له صورة
|
|||
|
ملاء ملاء، كان ملاء بلا نهاية، فوجب جسم بلا نهاية في الكمية، فوجب لا نهاية بالفعل، ولا نهاية بالفعل ممتنع أن
|
|||
|
الكمية. فليس بعد جسم الكل ملاء، لأنه إن كان بعده ملاء، كان ذلك الملاء جسماً، فإن كان ذلك الملاء بعده ملاء، وبعد كل
|
|||
|
وليس يمكن أن يكون شيء لا نهاية له بالفعل كما سنبين بعد قليل، فليس يمكن أن يكون جسم الكل لا نهاية له في
|
|||
|
نقول: والملاء إذا كان هو جسم، فإما أن يكون جسم الكل لا نهاية له في الكمية، وإما أن يكون متناهي الكمية؛
|
|||
|
إذن يمكن أن يكون مكان بلا متمكن. ونعني بخلاء مكاناً بلا متمكن. فليس يمكن إذن أن يكون للخلاء المطلق وجود. ثم
|
|||
|
من المضاف الذي لا يسبق بعضه بعضاً، فإن كان مكان، كان متمكن اضطراراً وإن كان متمكن كان مكان اضطراراً، فليس
|
|||
|
بهذه المقدمات التي تقدم. وذلك أن نقول في البحث عن ذلك أن معنى الخلاء مكان لا متمكن فيه، والمكان والمتمكن
|
|||
|
شيء لم يدركه الحس، ولا بحق الحس، فيكون له في النفس مثال، أو يظن له مثال، وإنما هو شيء يجده العقل اضطراراً
|
|||
|
إن جسم الكل ليس خارج منه خلاء ولا ملاء، أعني لا فراغ ولا جسم. وهذا القول لا يتمثل في النفس: لأن لا خلاء ولا ملاء
|
|||
|
ولا تقارن الهيولى، فليس تمثل في النفس بتة، ولا يظن أنها تمثل، وإنما نقر بها لما يوجب ذلك اضطراراً كقولنا:
|
|||
|
وتوجد مع الهيولى، قد يظن أنها تمثل في النفس، وأن ما يعقل مع المحسوس لا يتمثل. فلذلك كل اللاتي لا هيولى لها،
|
|||
|
الملون بوجود النهاية التي هي الشكل - وجود عقلي عرض بالحس لا محسوس بالحقيقة. فلذلك كل اللاتي لا هيولى لها
|
|||
|
باجتلاب الحس الكلي له - ويمثله في نفس الإنسان لاحقة تلحق المثال اللوني كاللاحقة التي تلحق اللون، أنه نهاية
|
|||
|
نهاية اللون، فيعرض بالحس البصري أن يوجد الشكل إذ هو نهاية المدرك بالحس البصري. وقد نظن أنه يتمثل في النفس
|
|||
|
مثالي يمثله الحس الكلي في النفس. وكل ما هو لا هيولاني، وقد يوجد مع الهيولاني كالشكل الموجود باللون إذ هو
|
|||
|
لأنه لا مثال، لأنه لا لون، ولا صوت، ولا طعم، ولا رائحة، ولا ملموس، بل إدراك لا مثالي. وكل ما كان هيولانياً فإنه
|
|||
|
بعينه ليس يعرى. فإن هذا وجود للنفس لا حسي، اضطراري، لا يحتاج إلى متوسط، وليس يتمثل لهذا مثال في النفس،
|
|||
|
كلها محسوسة - بل مصدق في النفس، محقق متيقن بصدق الأوائل العقلية اضطراراً. بالهيولى هم غير صادقين في شيء
|
|||
|
النفس من المحسوسات فهو للقوة المستعملة الحواس. فما كل معن نوعي، وما فوق النوع فليس متمثل للنفس - لأن المثل
|
|||
|
تحت قوة من قوى النفس تامة أعني الإنسانية هي المسماة العقل الإنساني. وإذ الحواس واحدة الأشخاص، فكل متمثل في
|
|||
|
الجزئية الهيولانية واقعة تحت الحواس؛ وأما الأجناس والأنواع فغير واقعة تحت الحواس، ولا موجودة وجوداً حسياً، بل
|
|||
|
الأشياء كلية وجزئية: أعني بالكلي الأجناس للأنواع، والأنواع للأشخاص، وأعني بالجزئية الأشخاص للأنواع. والأشخاص
|
|||
|
والآخر أقرب من الطبيعة وأبعد عنا، وهو: وجود العقل. وبحق ما كان الوجود وجودان: وجود حسي، ووجود عقلي؛ إذ
|
|||
|
من الحاس جداً لوجدانه بالحس مع مباشرة الحس إياه. والمحسوس كله ذو هيولى أبداً، فالمحسوس أبداً جرم، وبالجرم
|
|||
|
فيؤديها للحفظ، فهو متمثل ومتصور في نفس الحي. فهو وإن كان لا مات له في الطبيعة فبعد عندها وخفي لذلك فهو قريب
|
|||
|
بالتشبيه وغير التشبيه، والأشد والأضعف. فهو الدهر في زوال دائم، وتبدل غير منفصل وهو الذي يثبت صوره في المصور
|
|||
|
كل حال بأحد أنواع الحركات، وتفاضل الكمية فيه بالأكثر والأقل، والتساوي وغير التساوي، وتغاير الكيفية فيه
|
|||
|
وجودنا بالحواس - عند مباشرة الحس محسوسة - بلا زمان ولا مؤونة وهو غير ثابت لزوال ما يباشر، وسيلانه، وتبدله في
|
|||
|
الحواس التي هي لنا منذ بدء نشوئنا، وللجنس العام لنا، والكثير من غيرنا، أعني: الحي العام لجميع الحيوان. فإن
|
|||
|
ذلك بما يتلوه تلواً طبيعياً فنقول: إن الوجود الإنساني وجودان أحدهما أقرب منا وأبعد عند الطبيعة، وهو وجود
|
|||
|
|
|||
|
وهو الجزء الأول في الفلسفة الأولى فإذا قدمنا ما يجب تقديمه في صدر كتابنا هذا، فلنتل
|
|||
|
|
|||
|
محدود، فكله محدود النهاية من آخره. فليس يمكن أن يكون الزمان الآتي لا نهاية له بالفعل. فلنكمل الآن الفن الثاني.
|
|||
|
أن زيد ما زيد على الزمن المحدود زمان محدود أن تكون الجملة لا محدودة. وكلما زيد على الزمن المحدود زمان
|
|||
|
إنه يصير جملة الزمانين المحدودة، فهي لا محدودة النهايات وهي محدودة النهايات؛ وهذا خلف لا يمكن. فليس يمكن
|
|||
|
زمانان محدودان بنهاية واحدة مشتركة، لهما، فإن نهاية كل واحد منهما الباقية محدودة معلومة. وقد كان قيل
|
|||
|
الزمان الماضي الأخيرة، ونهاية الزمان الآتي الأول. ولكل زمان محدود نهايتان: نهاية أولى، ونهاية أخرى، فإن اتصل
|
|||
|
والزمان من الكمية المتصلة، أعني: أن له فصلاً مشتركاً للماضي منه والآني. وفصله المشترك هو الآن الذي هو نهاية
|
|||
|
عليه محدوداً. فإن لم تصر الجملة محدودة؛ فقد زيد شيء محدود الكمية، فاجتمع منها شيء لا نهاية له في الكمية،
|
|||
|
متتالية زمان بعد زمان؛ فإنه كلما زيد على الزمان المتناهي المحدود زمان، كانت جملة الزمان المحدود المزيد
|
|||
|
نهاية له بالفعل، لأنه إن كان الزمان الماضي إلى زمن محدود ممتنعاً أن يكون بلا نهاية له - كما قدمنا - والأزمنة
|
|||
|
الجرم ليست لا نهاية لها، فأنية الجرم متناهية. فممتنع أن يكون جرم لم يزل. وليس يمكن أن يكون آتى الزمان لا
|
|||
|
الزمان مقبلاً من لا نهاية بل من نهاية اضطراراً. فليست مدة الجرم بلا نهاية، وليس يمكن أن يكون جرم بلا مدة، فأنية
|
|||
|
فإنه لا يقطع ما لا نهاية له من الزمان حتى ينتهي إلى زمن محدود بتة، والانتهاء إلى زمن محدود موجود به. فليس
|
|||
|
إلى الذي قبله حتى ينتهي إلى زمن قبله، وكذلك بلا نهاية، وما لا نهاية له، لانقطع مسافته ولا يؤتى على آخرها.
|
|||
|
لا متناه متناهياً، وهذا خلف لا يمكن. وأيضاً إن كان لا ينتهي إلى الزمان المحدود حتى ينتهى إلى زمن قبله، ولا
|
|||
|
لا نهاية إلى الزمن محدود معلوم، فإن من ذلك الزمن المعلوم إلى ما لا نهاية له من الزمان معلوم. فيكون إذن
|
|||
|
الزمن المفروض يساوي المدة للمدة التي من هذا الزمن المفروض فصاعداً في الأزمنة إلى ما لانهاية له. وإن كان من
|
|||
|
فإن خلف كل فصل من الزمان فصلاً بلا نهاية. فإذن لا ينتهي إلى زمن مفروض أبداً: لأن من لا نهاية في القدم إلى هذا
|
|||
|
الزمان لا يكون فصل قبله، أعني: إلى مدة مفصولة ليست قبلها مدة مفصولة. ولا يمكن غير ذلك، فإن أمكن غير ذلك،
|
|||
|
زمان لا نهاية له بالفعل في ماضيه، ولا آتيه، فنقول: إن قبل كل فصل من الزمان فصلاً، إلى أن ينتهي إلى فصل من
|
|||
|
ما. وإن لم يكن التركيب والتأليف تبدلاً فليست هذه النتيجة بواجبة. ولنوضح الآن بنوع آخر أنه لا يمكن أن يكون
|
|||
|
الأنية. فإذا كان الزمان ذا نهاة بالفعل، فأنية الجرم ذات نهاية بالفعل اضطراراً، إن كان التركيب والتأليف تبدلاً
|
|||
|
أوضحنا، فالجرم لا تسبقه مدة بعدها الحركة. فالجرم والحركة والزمان لأسبق بعضها بعضاً في الأنية؛ فهي معاً في
|
|||
|
بعدها الحركة. ولكل جرم مدة، كما قدمنا، أي ما هو فيه أنيته، أعني ما هو فيه هويا. والجرم لأسبق الحركة، كما
|
|||
|
بعضاً. وبالحركة الزمان، لأن الحركة تبدل، والتبدل عدد مدة المتبدل فالحركة عادة. مدة التبدل. والزمان مدة
|
|||
|
فإن لم تكن الحركة لم يكن التركيب. والجرم مركب، فإن لم يكن حركة لم يكن جرم، فالجرم والحركة لم يسبق بعضها
|
|||
|
العريض العميق الذي فصله. وهو المركب من هيولى وصورة. والتركيب يبدل الحالة التي هي لا تركيب والتركيب حركة،
|
|||
|
أشياء ونظمها. والجرم جوهر طويل عريض عميق، أي ذو أبعاد ثلاثة؛ فهو مركب من الجوهر الذي هو جنسه، ومن الطويل
|
|||
|
بما قلنا - يزيد الناظرين في هذه السبيل تمهراً بتولجها، فنقول: إن من التبدل التركيب والائتلاف، لأن ذلك جمع
|
|||
|
لأنيته. فأنية جرم الكل متناهية اضطراراً. فجرم الكل لا يمكن أن يكون لم يزل. ونبين ذلك بقول آخر - بعد أن اتضح
|
|||
|
نهاية له بالفعل، فكل زمان فذو نهاية بالفعل، والجرم لأسبق الزمان، فليس يمكن أن يكون جرم الكل لا نهاية له
|
|||
|
لأسبق بعضها بعضاً أبداً. فإذن قد اتضح أنه لا يمكن أن يكون زمان لا نهاية له: إذ لا يمكن أن يكون فيه كمية، لا
|
|||
|
اللازمة للجرم أبداً، بعدها حركة الجرم اللازمة للجرم أبداً. فالجرم لأسبق الزمان أبداً، فالجرم، والحركة، والزمان،
|
|||
|
هو فيه هوية، أعني ما هو في هويا، ولا مدة جرم إلا وحركة، إذ الجرم مع حركته أبداً، كما قد اتضح. فمدة الجرم
|
|||
|
الجرم اضطراراً. إذ لا زمان إلا بحركة. وإذ لا جرم إلا وحركة، ولا حركة إلا وجرم، ولا جرم إلا بمدة، إذن المدة هي ما
|
|||
|
كانت حركة كان جرم اضطراراً، وإن كان جرم كانت حركة اضطراراً. وقد تقدم أن الزمان لا يسبق الحركة، فالزمان لأسبق
|
|||
|
الكل لم يزل ساكناً بالفعل ثم استحال متحركاً بالفعل، والحركة فيه موجودة. فإذن لم يسبق الحركة بتة. فإذن إن
|
|||
|
والذي لم يزل لا يستحيل كما قدمنا بيان ذلك، فهو إذن مستحيل لا مستحيل، وهذا خلف لا يمكن. فليس يمكن أن يكون جرم
|
|||
|
تحرك، لأنه كان ممكناً له أن يتحرك، فقد استحال جرم الكل الذي لم يزل من السكون بالفعل إلى الحركة بالفعل.
|
|||
|
حركة، وهذا خلف لا يمكن. فليس يمكن إن كان الجرم كوباً عن ليس أن يسبق الحركة. فإن كان الجرم لم يزل ساكناً ثم
|
|||
|
الجرم كان ذاته. فإذاً لم يسبق كون الجرم الحركة بتة. وقد قيل: أنه أولاً ولا حركة. فهو ولا حركة، ولم يكن ولا
|
|||
|
أشياء عن ليس تكون بهويته حركة، كما قدمنا، حيث صنفنا الحركة أن أحد أنواع الحركة هو الكون. فإذا لم يسبق
|
|||
|
أولاً ساكناً ثم تحرك، فلا يخلو من أن يكون جرم الكل كوناً عن ليس أو لم يزل، فإن كان كوناً عن ليس، فإن بهويته
|
|||
|
يمكن أن يكون جرم الكل ساكناً أو لا، كان ممكناً أن يتحرك ثم تحرك، وهذا ظن كاذب اضطراراً. لأن جرم الكل إن كان
|
|||
|
وهذا محال، وخلف لا يمكن. فليس يمكن أن يكون جرم ولا حركة، فإذن متى كان جرم كانت حركة اضطراراً. وقد نظن أنه
|
|||
|
إن الحركة لا تكون إذا كان الجرم موجوداً، فهي إذن تكون إذا كان الجرم موجوداً، لا تكون إذا كان الجرم موجوداً.
|
|||
|
موجودة في الجرم المطلق، فهي موجودة اضطراراً في الجرم المطلق. فإذن الجرم موجود، فالحركة موجودة. وقد قيل
|
|||
|
بالفعل. إذ هي موجودة في بعض جوهر الإنسان أعني في آخر من الناس. فالحركة باضطرار موجودة في بعض الأجرام، فهي
|
|||
|
الأجرام. لأن الممكن له الشيء هو الموجود ذلك الشيء في بعض ذوات جوهره، كالكتابة موجودة بالإمكان لمحمد وليست فيه
|
|||
|
حركة بتة. وإن كان - إذا كان جرم موجوداً - ممكناً أن يكون حركة موجودة، فإن الحركة بالاضطرار موجودة في بعض
|
|||
|
فالحركة ليست بموجودة، إذ الجرم موجود وهي ليست موجودة، وهذا خلف لا يمكن فليس يمكن أن يكون إن كان جرم موجوداً لا
|
|||
|
تكون حركة. فإن كان جرم لم تكن حركة. فإما ألا تكون حركة بتة، وإما ألا تكون، وممكن أن تكون؛ فإن لم تكن بتة،
|
|||
|
الجرم، فكل تبدل فهو لدى الزمان. فإن كانت حركة كان جرم اضطراراً، وإن كان جرم وجب أن تكون حركة اضطراراً، أولاً
|
|||
|
والاضمحلال، وتبدل كيفياته المحمولة فقط هو الاستحالة، وتبدل جوهره هو الكون والفساد. وكل تبدل فهو عاد عدد مدة
|
|||
|
المكانية. وتبدل المكان الذي ينتهي إليه الجرم بنهاياته - إما بالقرب من مركزه وإما بالبعد عنه - هو الربو
|
|||
|
حركة، وإن لم تكن حركة. والحركة هي تبدل ما قد بدل مكان أجزاء الجرم ومركزه أو كل أجزاء الجرم فقط، هي الحركة
|
|||
|
الحركة. فإن كانت حركة كان زمان، وإن لم تكن حركة لم يكن زمان. والحركة إنما هي حركة الجرم، فإن كان جرم كانت
|
|||
|
الجرم متناهية، إذ الزمان ليس بموجود؛ ولا جرم بلا زمان، لأن الزمان إنما هو عدد الحركة، أعني أنها مدة بعدها
|
|||
|
يمكن أن يكون زمان بالفعل لا نهاية له. والزمان زمان جرم الكل، أعني مدته؛ فإن كان الزمان متناهياً فإن أنية
|
|||
|
إنما هو في القوة. فأما بالفعل فليس يمكن أن يكون شيء لا نهاية له لما قدمنا. وإذ ذلك واجب فقد اتضح أنه لا
|
|||
|
فكل ما في الذي لا نهاية له بالقوة هو أيضاً بالقوة لا نهاية له، من ذلك الحركة والزمان، فإذن الذي لا نهاية له
|
|||
|
التزايد من جهة الإمكان، فهو بالقوة بلا نهاية، إذ القوة ليست شيئاً غير الإمكان أن يكون الشيء المقول بالقوة.
|
|||
|
الكل ممكن أن يزاد فيه بالوهم زيادة دائمة، بأن يتوهم أعظم منه ثم أعظم من ذلك دائماً: فإنه لا نهاية له في
|
|||
|
كل محمول في الجرم بالفعل فمتناه أيضاً. إن الجرم مناه، فجرم الكل متناه، وكل محمول فيه بعد أيضاً، وأن جرم
|
|||
|
المتناهي متناهية اضطراراً، فكل محمول في الجرم من كم أو مكان أو حركة أو زمان الذي هو مفصول بالحركة، وجملة
|
|||
|
والزمان كمية، فليس يمكن أن يكون زمان لا نهاية له بالفعل. والزمان ذو أول متناه، والأشياء أيضاً المحمولة في
|
|||
|
يمكن أن يكون جرم لا نهاية له. وبهذا التدبير تبين أنه لا يمكن شيء من الكميات أن تكون لا نهاية لها بالفعل.
|
|||
|
مساوياً له وحده. وهو وحده جزء له ولجزئه اللذين اجتمعا، فالجزء مثل الكل، هذا خلف لا يمكن. فقد تبين أنه لا
|
|||
|
أحدهما أعظم من الأخر، وإن كان ليس بأعظم مما قبل أن يزاد عليه، فقد زيد على جرم جرم يزد شيئاً، وصار جميع ذلك
|
|||
|
نهاياتها بالكثرة أو الكيف أو معاً، فهما متناهيان. فالذي لا نهاية له الأصغر متناه، وهذا خلف لا يمكن. فليس
|
|||
|
نهاياتهما واحدة، فهما إذن ذو نهايات، لأن الأجرام المتساوية التي ليس متشابهة هي التي بعدها جرم واحد. وتختلف
|
|||
|
بعده فهو بعد بعضه لا محمالة، فأصغرهما مساو بعض أعظمهما، والمتساويان هما اللذان متشابهاتهما أبعاد ما بين
|
|||
|
وأصغر الشيئين بعد أعظمهما أو بعد بعضه، فأصغر الجرمين اللذين لا نهاية لهما بعد أعظمهما أو بعد بعضه. وإن كان
|
|||
|
أعظم مما كان قبل أن يزاد عليه أو مساوياً له، فإن كان أعظم مما كان فقد صار ما لا نهاية له أعظم مما لا نهاية،
|
|||
|
فهو إذن متناه لا متناه، وهذا خلف لا يمكن، فإن كان الباقي لا متناهي العظم، فإنه إذا زيد عليه ما أخذ منه صار
|
|||
|
الجرم الكائن عنهما جميعاً متناهي العظم، والذي كان عنهما هو الذي كان قبل أن يفصل منه شيء لا متناهي العظم،
|
|||
|
وإما لا متناهي العظم؛ فإن كان الباقي منه متناهي العظم، فإنه إذا زيد عليه المفصول منه المتناهي العظم، كان
|
|||
|
بعضه، فإن كان جرم لا نهاية له، فإنه إذا فصل منه جرم متناهي العظم فإن الباقي منه إما أن يكون متناهي العظم،
|
|||
|
العظم. وهذا واجب أيضاً في كل عظم، وفي كل ذي عظم. وأما الأصغر من كل شيئين متجانسين يعد الأكبر منهما، أو يعد
|
|||
|
أعظم مما كان قبل أن يزاد عليه ذلك الجرم. وكل جرمين متناهيي الصغر إذا جمعا، كان الجرم كائن عنهما متناهي
|
|||
|
بالفعل والقوة، وذو النهاية ليس لا نهاية. وكل الأجرام المتساوية إذا زيد على واحد منها جرم كان أعظم منها، وكان
|
|||
|
بلا توسط، أن كل الأجرام التي ليس منها شيء أعظم من شيء متساوية، والمتساوية أبعاد ما بين نهاياتها متساوية
|
|||
|
كيفية، ولا نهاية له بالفعل، وأن لا نهاية له إنما هو في القوة، فأقول: إن من المقدمات الأول الحقية المعقولة
|
|||
|
وأنواع، والأزلي لا جنس له، فالجرم الأزلي. فلنقل الآن أنه لا يمكن أن يكون جرم أزلي، ولا غيره مما له كمية أو
|
|||
|
فيكون بها فاضلاً، لأنه لا يمكن أن يستحيل إلى أفضل منه ولا إلى أنقص بتة. فالأزلي تام اضطراراً وإذا الجرم ذو جنس
|
|||
|
والناقص هو الذي لا حال له ثابتة يكون بها فاضلاً، فالأزلي لا يمكن أن يكون ناقصاً، لأنه لا يمكن أن ينتقل إلى حال
|
|||
|
فالانتقال استحالة ما، فالأزلي لا ينتقل إلى تمام، لأنه لا يستحيل، والتام هو الذي يكون له حال ثابتة يكون بها فاضلاً،
|
|||
|
يمكن. فالأزلي لا يمكن أن يفسد. والاستحالة تبدل. فالأزلي لا يستحيل لأنه لا يتبدل، ولا ينتقل من النقص إلى التمام،
|
|||
|
ما كان ذلك والأضداد المتقاربة هي جنس واحد، فالفاسد جنس. فإن فسد الأزلي فله جنس، وهو لا جنس له، هذا خلف لا
|
|||
|
في جنس واحد، كالحرارة المتبدلة بالبرودة، لأنا لا نعد من المقابلة كالحرارة باليبس أو بالحلاوة أو بالطول أو
|
|||
|
هو الجنس فليس يتبدل، لأن الفاسد ليس فساده بتأسيس آيسته: وكل متبدل فإنما تبلده بضده الأقرب أعني الذي معه
|
|||
|
وهذا محال لا يمكن. فالأزلي لا يفسد، لأن الفساد إنما هو تبدل المحمول لا الحامل الأول، فأما الحامل الأول الذي
|
|||
|
الخاصة له دون غيره، فله موضوع ومحمول. وقد كان تبين أنه لا موضوع ولا محمول. وقد تبين أنه لا موضوع ولا محمول له،
|
|||
|
القائم له ولغيره، ومن فصل ليس في غيره، فله موضوع هو الجنس القابل لصورته وصورة غيره، ومحمول هو الصورة
|
|||
|
أجله كان، لأن العلل المقدمة ليست غير هذه. فالأزلي لا جنس له، لأنه إن كان له جنس فهو نوع، والنزع مركب من جنسه
|
|||
|
لهويته، فالأزلي هو لا قوامه من غيره، فالأزلي لا علة له، فالأزلي لا موضوع له ولا محمول ولا فاعل ولا سبب، أعني ما من
|
|||
|
|
|||
|
إن الأزلي هو الذي لم يجب، ليس هو مطلقاً، فالأزلي لا قبل كوني
|
|||
|
|
|||
|
الفن الثالث
|
|||
|
|
|||
|
الوحدة في المعلولات، وما الوحدة الحق، وما الوحدة بالمجاز لا بالحقيقة، فيما يتلو هذا الفن. ولنكمل هذا الفن.
|
|||
|
وقد قدمنا على كم نوع يقال الواحد في الأشياء المحسوسة، وما يلحق المحسوسة - فقد ينبغي أن نبين بأي نوع توجد
|
|||
|
واحدة فقط، لا كثرة معها بجهة من الجهات. فإذا اتضح أن العلة الأولى واحدة، والواحد موجود في الأشياء المعلولة -
|
|||
|
فالشيء غير ذاته، وهذا خلف لا يمكن. فليس العلة الأولى كثيرة ولا كثيرة وواحدة، فلم يبق إذن إلا أن تكون العلة
|
|||
|
إذن كثرة ووحدة معاً، فتكون علة الكثرة والوحدة، الوحدة والكثرة، والشيء إذن علة ذاته، والعلة غير معلول،
|
|||
|
العلة لا تخلو من أن تكون واحدة أو كثيرة، فإن كانت كثيرة ففيها الوحدة، لأن الكثرة إنما هي جماع أو حاد، فهي
|
|||
|
متجانسة، ولا مشاكلة، ولا مشابهة، ولا مشاركة لها، بل هي أعلى وأشرف وأقدم منها، وهي سبب كونها وثباتها. وهذه
|
|||
|
شبه، ولا مشاكلة، بل هي علة كونها وثباتها أعلى وأشرف وأقدم منها. فقد تبين أن للأشياء جميعاً علة أولى غير
|
|||
|
والحمرة، والشكل والشكل، وما كان كذلك. فليست علة اشتراك الكثرة والوحدة مع الأشياء الكثيرة الواحدة من جنس، ولا
|
|||
|
جنس. وإذ ليس هي معهما في جنس، فليست معهما في شبه واحد، لأن المتشابهة في جنس واحد، وفي نوع واحد، كالحمرة
|
|||
|
الأخرى بالذات. والعلة أقدم من المعلول بالذات، فليس علة اشتراك الكثرة والوحدة مع الأشياء الكثيرة الواحدة في
|
|||
|
ليس منها شيء أقدم من شيء بالذات، كالإنسانية والفرسية اللتين من جنس الحي، اللتين ليست واحدة منهما أقدم من
|
|||
|
كما قدمنا، إذ ليس يمكن أن يكون شيء بالفعل لا نهاية له. وأيضاً ليست بمجانسة لهما لأن اللواتي في جنس واحد،
|
|||
|
المشتركات كما قدمنا بعلة خارجة عن المشتركات. فإن كانت كذلك خرجت العلل بلا نهاية، ولا نهاية في العلل ممتنع،
|
|||
|
المعلول بالذات كما قدمنا في المقالات التي قلنا فيها على المباينة وليست بمشاركة لهما، لأن المشاركة تجب في
|
|||
|
بعلة من ذاتهما. فلم يبق إلا أن يكون لاشتراكهما علة أخرى غير ذاتهما أرفع وأشرف منهما وأقدم. إذ العلة قبل
|
|||
|
ما لا نهاية. وقد تبين أنه لا يمكن أن يكون شيء بالفعل بلا نهاية، فليس يمكن لأن يكون اشتراك الوحدة والكثرة
|
|||
|
الخلف، وفي اشتراكهما من ذاتهما أن يكون الاشتراك علة من الذات، ويخرج هذا بلا نهاية، فتكون علة لعلة، إلى
|
|||
|
تكون وحدة وكثرة مشتركة، ويكون اشتراكهما بالبخت، أو بعلة منهما، أو من غيرهما؛ فيلحق في البخت ما قدمنا من
|
|||
|
وإما كثرة مع وحدة مشتركة ويلحق في وحدة فقط ما يلحق في الكثرة والوحدة التي قدمنا البحث منهما. فينبغي أن
|
|||
|
فيكون الشيء الذي هو أحد المحسوسات، أو ما يلحق المحسوسات، أعني جميع الأشياء، إما وحدة فقط، وإما كثرة فقط،
|
|||
|
ذاتها فهي بعضها، فذلك البعض أقدم من باقيها، ولأن العلة قبل المعلول بالذات كما بينا في كتابنا على المباينة.
|
|||
|
أن تكون من ذاتها، أو يكون لاشتراكها علة أخرى من غير ذاتها، خارجة بائنة عنها. فإن كانت علة اشتراكها من
|
|||
|
بغير علة. فبقي إذن أن تكون اشتراكها بعلة منذ بدء كونها. فإذا تبين أن اشتراكها بعلة، فلا تخلو العلة من
|
|||
|
التباين وهي أنيات، فيلزم فيها أيضاً ما قدمنا من الخلف. فليس يمكن أن تكون كانت متباينة ثم اتفقت بالبخت، أعني
|
|||
|
وحدة فقط، وهما شيئان وشيئان كثرة ؟ فليس يمكن أن يكونا كذلك. وقد يمكن أن نرجع إلى ما كانت علته بالبخت من
|
|||
|
أي جماعة وحدانيات، فمع الكثرة الوحدة اضطراراً، ولا يمكن غير ذلك، وكيف يمكن أن يكون، إذ هما وهما متباينان
|
|||
|
بحثنا عن وجود كثرة بلا وحدة، وكيف يمكن أن تكون كثرة ووحدة معاً، وهما متباينان ؟ والكثرة إنما هي كثرة الآحاد،
|
|||
|
بالبخت أي الاتفاق بلا علة أو بعلة؛ فإن كان بالبخت فقد كانت متباينة فيلزمها المحالات التي لزمت في الأبحاث، وإذا
|
|||
|
فإذا قد تبين أن اشتراك الكثرة والوحدة في كل محسوس وما يلحق المحسوس، فلا يخلو ذلك من الاشتراك من أن يكون
|
|||
|
جميع المحسوسات، وما يلحق المحسوسات، أي أن ما فيه الكثرة منها ففيه الوحدة وما فيه الوحدة ففيه الكثرة.
|
|||
|
كثرة فقط ما لزم الكثرة التي قدمنا ذكرها. فيبقى إذن أيضاً أن تكون الوحدة مشاركة للكثرة، أي مشاركة لها في
|
|||
|
كانت الوحدة مباينة للكثرة وجب أن يلزم ما كان وحدة فقط ما لزم الوحدة التي قدمنا ذكرها من الخلف، وما كان
|
|||
|
وأيضاً فإذا قد تبين أن طباع الأشياء وحدة وكثرة، فلا تخلو الوحدة من أن تكون مباينة للكثرة، أو مشاركة لها؛ فإن
|
|||
|
بلا وحدة، ولا يعرى شيء مما ذكرنا من كثرة ولا من وحدة. فواجب إذن أن تكون الأشياء التي ذكرنا كثيرة وواحدة.
|
|||
|
بعضها أنه لا يمكن أن يكون منها وحدة بلا كثرة. فقد اتضح أنه لا يمكن أن يكون وحدة فقط بلا كثرة، ولا كثرة فقط
|
|||
|
ولا كلاً - كما قدمنا - فقد تبين من جميع هذه الأبحاث أنه لا يمكن أن تكون كثرة بلا وحدة في شيء مما ذكرنا، ومن
|
|||
|
فليس يمكن ألا يكون كثرة. وهنالك تبين أنه لا يمكن أن يكون شيء من التي ذكرنا وحدة بلا كثرة لأنه يكون لا جزءاً
|
|||
|
ولا وحدة، فإذن لا جزء ولا كل، فلا وحدة. وقد كنا فرضنا أن هناك وحدة، فالوحدة أيس ليس، وهذا خلف لا يمكن أيضاً،
|
|||
|
جزء ولا كل فلا شيء وإن لم يكن شيء فلا محسوس ولا معقول بتة، ولا وحدة في محسوس ولا معقول بتة، فإن لم يكن جزء
|
|||
|
والجزء أيضاً جزء واحد، فإن كان جزء كانت الوحدة، وإن كان جزء كان كل، فإن لم ين جزء لم يكن كل، وإن لم يكن
|
|||
|
بطل بطل ببطلانه الآخر، فلا كل ولا جزء في الأشياء، والأشياء كل وجزء، فالكل والجزء أيس ليسن وهذا خلف لا يمكن.
|
|||
|
كل، وإن لم يكن كل لم يكن جزء، لأن الكل والجزء من المضاف الذي يجب كل واحد من طرفيه بوجوب الأجزاء. وأيهما
|
|||
|
تكن جزءاً ولا كلاً، لأن الكل جامع الأجزاء، وأقل ما يكون المجتمع اثنان، والاثنان كثرة، فإن لم يكن كثرة بم يكن
|
|||
|
المحسوسة وما يلحق المحسوسة. فليس يمكن أن يكون شيء واحد لا كثرة فيه. وأيضاً إن كانت وحدة فقط بلا كثرة لم
|
|||
|
الأشياء ليس فيه كثرة، لأنه إن لم تكن فيه كثرة لم يكن متحركاً ولا ساكناً، وليس يخلو شيء من نوع حركة وسكون من
|
|||
|
موجودة، فهي أيس ليس، وهذا خلف لا يمكن. فليس يمكن ألا تكون كثرة. وهنالك تبين أنه لا يمكن أن يكون، ولا واحد من
|
|||
|
كثرة فإن لم يكن كثرة لم يكن سكون ولا حركة، والسكون والحركة موجودان، فالكثرة موجودة، وقد كنا فرضنا أنها لا
|
|||
|
فاسد، ولا رابي لا مضمحل، ولا مستحيل موضوع ومحمول، موضوع محمول عليه النفي لأشياء محدودة، فإن كان السكون كان
|
|||
|
ناقصاً، والاستحالة توجب مستحيلاً، والكون يوجب كائناً، والفساد يوجب فاسداً. وهذه جميعاً توجب كثرة؛ لأنه لا كائن لا
|
|||
|
وشمال. والمكان بطباعه يوجب كثرة، لأن المكان غير المتمكن ومكان المتمكن. والربو يوجب رابياً، والنقص يوجب
|
|||
|
بعض، والمكان والأجزاء كل واحد منهما كثرة، لأن الأجزاء أكثر من جزء، والمكان علو، وسفل، وأمام، ووراء، ويمين،
|
|||
|
إلى غير إما مكان، وإما كم، وإما كيف، وإما جوهر. وهذه كثرة، والساكن ساكن في مكان. وأيضاً بعض أجزائه في
|
|||
|
فليس يمكن ألا تكون كثرة. وأيضاً إن كانت وحدة فقط بلا كثرة فهي لا متحركة ولا ساكنة، لأن المتحرك يتحرك بانتقال
|
|||
|
فالكثرة موجودة والشكل موجود، فالكثرة موجودة، وقد فرضنا أنها لا موجودة، فالكثرة أيس ليس، وهذا خلف لا يمكن.
|
|||
|
خط أو خطية، أو من قسي أو قوسي، أو وتر أو وتري معاً لها زوايا وأطراف، ففيها كثرة. فإن كانت الأشكال موجودة
|
|||
|
من سطوح قوسية أو وترية، أو مركبة منهما، فالمستدير والكرى لهما مركز وإحاطة، والمركب من قسي أو قوسية، أو
|
|||
|
إن كانت وحدة فقط بلا كثرة، ولا شكل، لأن الأشكال إما من قسي، وإما من أوتار، وإما من مركبة من قسي وأوتار أو
|
|||
|
واحد، فالكثرة موجودة فيه. وقد كنا فرضنا أنها لا موجودة، وهذا خلف لا يمكن. فليس يمكن ألا تكون كثرة. وأيضاً
|
|||
|
والواحد لا ابتداء ولا وسط ولا آخر له، والابتداء والوسط والآخر موجود، فذو الأجزاء موجود، وكل ذي أجزاء أكثر من
|
|||
|
تكون كثرة. وأيضاً إن كانت وحد فقط بلا كثرة، فلا ابتداء ولا وسط، ولا آخر له، لأن ذلك لا يكون إلا في ذي أجزاء.
|
|||
|
والاختلاف موجودان، فالكثرة موجودة موجودة، وقد كنا فرضنا أنهل لا موجودة، فهي أيس ليس، وهذا خلف لا يمكن ألا
|
|||
|
الاتفاق والافتراق، والاختلاف والاتصال في اثنين. فالاثنان كثرة، فإن لم تكن كثرة لم يكن اتفاق ولا اختلاف، والاتفاق
|
|||
|
ألا تكون كثرة. وأيضاً إن كانت وحدة فقط بلا كثرة؛ فلا اتفاق، ولا اختلاف، ولا اتصال، ولا افتراق؛ لأن أقل ما يكون
|
|||
|
والتباين موجود، فالكثرة موجودة. وأيضاً قد فرضنا أنها ليست موجودة، فهي أيس ليس، وهذا خلف لا يمكن. فليس يمكن
|
|||
|
فيه التباين اثنان، والاثنان وما فوقهما كثرة؛ فإن لم تكن كثرة لم يكن تباين، وإن كان تباين فالكثرة موجودة،
|
|||
|
أيس ليس، وهذا خلف لا يمكن. فليس يمكن ألا يكون كثرة. وأيضاً إن كانت وحدة فقط بلا كثرة، فلا تباين، لأن أقل ما
|
|||
|
المستثنى. فإن كان استثناء فالكثرة موجودة، والاستثناء والمستثنى موجودان فالكثرة موجودة. وقد فرضنا أنها ليس، وهو
|
|||
|
كثرة. وأيضاً إن كانت وحدة فقط بلا كثرة، فلا استثناء، لأن الاستثناء إنما يكون لواحد أو لا أكثر من دون أشياء غير
|
|||
|
والمضادة موجودة، فالكثرة موجودة. وقد فرضنا أنها ليست موجودة، فهي أيس ليس؛ وهذا خلف لا يمكن. فليس يمكن ألا تكون
|
|||
|
والغيرية أقل ما يقع في الاثنين؛ والاثنان كثرة، فإن لم تكن كثرة لم تكن مضادة، وإن كانت مضادة كانت كثرة،
|
|||
|
كثرة، ولا بعض الأشياء وحدة بلا كثرة فنقول: إنه إن كانت وحدة فقط بلا كثرة لم تكن مضادة؛ لأن الضد غيرية الضد،
|
|||
|
الأشياء كثرة بلا وحدة، لأنه لا يمكن أن يكون بعض الأشياء كثرة بلا وحدة. وكذلك تبين أنه لا يمكن أن تكون وحدة بلا
|
|||
|
لا يمكن. فليس يمكن أن يكون بعض الأشياء كثرة فقط بلا وحدة. وقد تبين من جميع هذه الأبحاث أنه لا يمكن أن يكون
|
|||
|
يكون شيئاً، وإما ألا يكون شيئاً، فإن كان شيئاً فهو واحد، وإن لم يكن شيئاً فليس هو كثرة، وهو كثرة، وهذا خلف
|
|||
|
وحدة. وهنالك تبين أنه لا يمكن أن يكون بعض الأشياء كثرة فقط، لأنه لا يمكن أن يكون شيء كثرة فقط، لأنه إما أن
|
|||
|
شيئاً فليس يأتلف منه كثرة ولا هو كثرة أيضاً. وقد فرض إنه كثرة ولا كثرة، وهذا خلف لا يمكن، فليس يمكن ألا تكون
|
|||
|
الكثرة. وقد كنا فرضنا أنه كثرة فقط، فهو كثرة فقط بلا وحدة، وهو كثرة ووحدة، وهذا خلف لا يمكن. وإن لم تكن
|
|||
|
كثرة فقط بلا واحد، وكل مقول إما أن يكون شيئاً، وإما ألا يكون شيئاً، فإن كان شيئاً فهو واحد، فالوحدة موجودة مع
|
|||
|
موجودة، فالوحدة موجودة. وقد كنا فرضنا أنها لا موجودة، وهذا خلف لا يمكن. فليس يمكن ألا تكون وحدة. وأيضاً إن كانت
|
|||
|
لأنها إن لم تكن بحال واحدة تتحد بها نفس العارف ورسم المعروف، فلا معرفة، والمعرفة موجودة، فالحال الواحدة
|
|||
|
آحاداً. وأيضاً إن كانت كثرة فقط بلا واحد لم يكن معرفة، لأن المعرفة برسم، رسم المعروف في نفس العارف بحال واحدة.
|
|||
|
معدودة، والكثرة معدودة، فلآحاد مع الكثرة وقد كنا فرضنا أنه لا آحاد معها، فهذا خلف لا يمكن. فليس يمكن إلا تكون
|
|||
|
العدد كثرة مركبة من آحاد، ويفاضل بعض الكثرة على بعض بآحاد. فإن لم يكن عدد، وإن كانت كثرة بلا آحاد لم تكن
|
|||
|
فليس يمكن ألا يكون وحدة. وأيضاً إن كانت كثرة فقط بلا وحدة، لم تصل الكثرة العدد، لأن أوائل العدد الآحاد، لأن
|
|||
|
واحد ولا محدود، وإذن لم يكن محدود، فلا حد. وأشخاص الكثرة محدودة فهي محدودة، وهي لا محدودة، وهذا خلف لا يمكن.
|
|||
|
فقط بلا وحدة، فإن كل شخص من أشخاص الكثرة غير محدود، لأن الحد واحد يقع على معنى واحد، فإن لم يكن في الكثرة
|
|||
|
الأشخاص المجتمعة فهو لا كثرة، وهو كثرة معاً، وهذا خلف لا يمكن، فليس يمكن أن تكون وحدة. وأيضاً إن كانت كثرة
|
|||
|
كثرة فقط، لأن الوحدة معها موجودة، وهذا خلف لا يمكن. فإن كانت ليست ذات أشخاص ولا كثرة بتة، لأن معنى الكثرة هي
|
|||
|
خلف لا يمكن كما قدمنا، فهي إذن أشخاص الكثرة آحاداً اضطراراً. فالوحدة موجودة إذن، لأن كل شخص واحد، فهي إذن
|
|||
|
الكثرة، وهذا خلف لا يمكن. وإن كان لا متناهي الكثرة، وهوة أصغر من المقسوم، ولا متناه أعظم من لا متناه، وهذا
|
|||
|
أو لا متناهي الكثرة. فإن كان متناهي الكثرة، وقد كان فرض لا متناهي الكثرة، فهو إذن متناهي الكثرة لا متناهي
|
|||
|
بتةً، فهي كثرة بلا نهاية، وإذن فضل مما لا يتناهى قسم، وكل مقسوم أعظم مما يفضل منه، فالمفضول متناهي الكثرة،
|
|||
|
أشخاص، فإما أن تكون أشخاص الكثرة إما آحاداً، وإما ألا تكون آحاداً، فإن لم تكن آحاداً، ولم تنتقص إلى آحاد
|
|||
|
أن يكون وحدة. وأيضاً إن كانت كثرة فقط، فلا يخلو من أن تكون ذات أشخاص، أو لا ذات أشخاص بتة. فإن كانت ذات
|
|||
|
أيس. فإن كانت كثرة فقط بلا وحدة فليست بمتحركة أيضاً، ولا ساكنة، كما قد تقدم، وهذا خلف لا يمكن. فليس يمكن إلا
|
|||
|
غير، وغير الكثرة فالوحدة، فإن لم يكن وحدة فلا تبدل للكثرة وقد فرضنا أن وحدة أيس تتبدل كثرة أيس، فحركة
|
|||
|
كثرة فقط كانت أيضاً غير متحركة، لأن الحركة تبدل إما بمكان، وإما بكم، وإما بكيف، وإما بجوهر، وكل تبدل فإلى
|
|||
|
كان بحال واحدة غير متغير ولا متنقل. وإن لم يكن سكون لم يكن ساكن. وإن لم يكن ساكن كان متحركاً. وإن كانت
|
|||
|
وحدة كانت متحركة، لأنه إن لم تكن وحدة لم تكن حال واحدة، وإن لم تكن حال واحدة لم يكن سكون، لأن الساكن ما
|
|||
|
الوحدة. فهي متشابهة لا متشابهة معاً، وهذا خلف لا يمكن. فليس يمكن إلا أن تكون وحدة. وأيضاً إن كانت كثرة فقط بلا
|
|||
|
شيء واحد يعمها تتشابه به، ولا واحد مع الكثرة كما فرضنا، فلا واحد يعمها، فهي لا متشابهة، وهي متشابهة بعدمها
|
|||
|
لا يمكن. فليس يمكن إلا أن تكون الوحدة. وأيضاً إن كانت كثرة فقط بلا وحدة، فهي لا متشابهة، لأن المتشابهة لها
|
|||
|
فإن لم يكن خلاف في المقولات فهي متفقة وهي لا متفقة، لأن الإتفاق اشتراك في حال واحدة، أو معنى واحد، وهذا خلف
|
|||
|
أيس ليس، وهذا خلف لا يمكن. وأيضاً إن كان كل مقول كثرة فقط، فلا شيء يخالف الكثرة، لأن خلاف الكثرة الوحدة خلاف.
|
|||
|
الاشتراك في حال واحدة أو معنى واحد. فالوحدة موجودة مع الكثرة. وقد فرضنا أن الوحدة ليست بموجودة، فالوحدة
|
|||
|
واحد بتة. فإن كل طباع كل مقول الكثرة فقط فلا اتفاق اشتراك في حال واحدة، أو معنى واحد. والاتفاق موجود، أعني
|
|||
|
العقل، من أن يكون واحداً أو كثيراً، أو واحداً وكثيراً معاً، أو بعض هذه الأشياء واحداً لا كثيراً بتة، وبعضها كثيراً لا
|
|||
|
فلنبين بأكثر مما تقدم فنقول: لا تخلو طباع كل مقول فيما عليه المقول، أعني كل ما أدركه الحس وأحاط بما بينه
|
|||
|
فالوحدة فيما هي فيه بعرض مستفادة الوحدة له مما هي فيه بالذات. فإذن ها هنا واحد حق اضطراراً لا معلول الوحدة.
|
|||
|
كان في شيء يعرض فهو في شيء آخر بالذات. وإذ قد بينا أن الوحدة في هذه جميعاً تعرض، فهي لآخر بالذات لا تعرض.
|
|||
|
والمؤثر من المضاف الذي لا يسبق بعضه بعضاً. وأيضاً كل شيء كان في شيء آخر عرضاً، فهو في شيء آخر ذاتي، لأن كل شيء
|
|||
|
فالعارض إذن في المعروض مستفاد من غيره، فهو مستفاد من مفيد، فهو أثر في المعروض فيه، والأثر من مؤثر، لأن الأثر
|
|||
|
منها بأنها لا تنقسم من حيث وجدت. فالوحدة فيها بنوع عرضي، والعارض للشيء لا من ذاته، فالعارض للشيء من غيره،
|
|||
|
فليست الوحدة في ذلك أيضاً بحقيقية، بل عرضية. فليست الوحدة في شيء مما حددنا بحقيقية، بل إنما هي في كل واحد
|
|||
|
ومجتمع، لأن غلواته متصلة ومجتمعة، فهو جميع لغلواته، ولأنه منفصل من أمثال أجزاء، أعني اللاتي جميعها فرسخ.
|
|||
|
إلى غيره ببعض هذه التي قدمنا ذكرها، كالميل فإنه يقال ميل واحد إذ هو كل للغوات، وجزء للفرسخ، ولأنه متصل
|
|||
|
منه، كحجارة وملاطه وأجزاء جرمه؛ فهو كثير أيضاً. فالوحدة فيه ليست بحقيقية. وقد يقال الواحد أيضاً بالإضافة
|
|||
|
منهما ذو أجزاء كالبيت: فإن اتصاله الطبيعي شكله وهو ذو جهات، واتصاله العرضي، أعني الصناعي، باجتماع ما ركب
|
|||
|
ذو أجزاء فهو كثير أيضاً. فالوحدة في الجزء أيضاً ليست بحقيقية. والمتصل الطبيعي، والمتصل العرضي، وكل واحد
|
|||
|
والعظم وغير ذلك من أجزاء البدن الحي، واللون والطعم وغير ذلك من الأعراض فهو منقسم بانقسام الجوهري. فهو إذن
|
|||
|
للتجزئة، فهو كثير أيضاً. وأما الجزء العرضي فمحمول في الجزء الجوهري أعني كالطول والعرض والعمق في اللحم
|
|||
|
ومخ، ودم، ومرة، وبلغم، وجميع ما ركب منه بدن الحي التي ليست بمشتبهة. وكل واحد مما ذكرنا من بدن الحي فقابل
|
|||
|
الأجزاء، أعني مختلف الأجزاء، فكبدن الحي الذي هو من لحم، وجلد، وعصب، وعروق، وأوردة، ورئة، وصفاق، وحجب، وعظم،
|
|||
|
كالماء الذي جزؤه مال بكماله، وكل ماء فهو قابل للتجزئة. فجزء الماء إذ هو ماء بكماله كثير. وإما لا مشتبه
|
|||
|
والجزء إما أن يكون جوهرياً، وإما عرضياً، والجوهري إما مشتبه الأجزاء، وإما لا مشتبه الأجزاء. والمشتبه الأجزاء
|
|||
|
مجتمعة فهو كثير، فالوحدة فيه أيضاً ليست بحقيقية، فهي فيه نوع عرضي، فهي إذن فيه أثر من مؤثر كما قدمنا.
|
|||
|
عرضي، فهي إذن من مؤثر - كما قدمنا - فيما كان بنوع عرضي. وكذلك الجميع أيضاً، لأن الجميع يقال على أشياء كثيرة
|
|||
|
وكل صورة ذات أشخاص، فالكل إذن كثير لأنه ذو أقسام كثيرة. فالوحدة فيه أيضاً ليست بحقيقية، فهي إذن فيه بنوع
|
|||
|
واحد من المقولات بعض له. والكل المقول على مقولة واحدة ذو أبعاض أيضاً. لأن كل مقولة جنس، فكل مقولة ذات صور،
|
|||
|
قدمنا - أثر من مؤثر، فالوحدة في العرض العام أثر من مؤثر أيضاً. والكل المقول على المقولات ذو أبعاض، لأن كل
|
|||
|
والأشد والأضعف، فيقبل الاختلاف، فهو كثير. فالوحدة فيه أيضاً ليست بحقيقية، فهي إذن فيه بنوع عرضي، والعارض - كما
|
|||
|
أشخاص كثيرة. وإما أن يكون بكمية فيقبل الزيادة والنقص فهو متجزىء؛ وإما أن يكون كيفية فيقبل الشبيه والأشبه،
|
|||
|
مؤثر، فالوحدة في الخاصة أثر من مؤثر أيضاً. والعرض العام أيضاً مقول على أشخاص كثيرة، فهو كثير، لأنه موجود في
|
|||
|
بحقيقية، فهي إذن بنوع عرضي، والعارض للشيء من غيره فالعرض أثر في المعروض فيه، والأثر من المضاف، فالأثر من
|
|||
|
أبانت عن أنيته. فهي كثير لأنها موجودة في أشخاص كثيرة، ولأنها حركة، والحركة متجزئة. فالوحدة أيضاً فيها ليست
|
|||
|
مؤثر أيضاً. والخاصة هي المقولة على نوع واحد، وعلى كل واحد من أشخاصه مبينة عن أنية الشيء، وليست بجزء لما
|
|||
|
والعارض للشيء من غيره، فالعرض أثر في المعروض فيه، والأثر من المضاف فالأثر من مؤثر، فالوحدة في الفصل أثر من
|
|||
|
من جهة الأنواع والأشخاص التي يقال عليها تلك الأنواع. فالوحدة فيه أيضاً ليست بحقيقة، فهي فيه إذن بنوع عرضي،
|
|||
|
مبين عن أنية الشيء فهو مقول على كل واحد من أشخاص الأنواع التي يقال عليها الفصل مبين عن أنيتها، فهو كثير
|
|||
|
المضاف، فالأثر من مؤثر، فالوحدة في الجنس أثر من مؤثر اضطراراً أيضاً. والفصل هو المقول على كثير مختلفين بالنوع
|
|||
|
أيضاً ليست بحقيقية، فهي فيه إذن بنوع عرضي. والعارض للشيء من غيره، فالعرض أثر في المعروض فيه، والأثر من
|
|||
|
وكل نوع من أنواعه فهو أشخاص كثيرة. وكل شخص من أشخاصه فهو هو أيضاً. فهو كثير من هذه الجهة، فالوحدة فيه
|
|||
|
كثيرين مختلفين بالنوع مبين عن مائية الشيء. فهو كثير لأنه ذو أنواع كثيرة؛ وكل نوع من أنواعه فهو هو هو.
|
|||
|
فيه، والأثر من المضاف، فالأثر من مؤثر، فالوحدة من النوع أثر من مؤثر اضطراراً أيضاً. والجنس هو المقول على
|
|||
|
ذاتية. فليست الوحدة له إذن بحقيقته، فهي إذن فيه بنوع عرضي. والعارض للشيء من غيره، فالعرض أثر في المعروض
|
|||
|
ناطق، ومن ميت. فالنوع بالذات كثير من جهة أشخاصه، ومن جهة تركيبه. والوحدة التي له إنما هي بالوضع من جهة لا
|
|||
|
لأنه ذو أشخاص كثيرة، ولأنه مركب من أشياء أيضاً، لأنه مركب من جنس وفصل، كنوع الإنسان الذي هو مركب من حي، ومن
|
|||
|
والأثر من مؤثر، فالوحدة في الشخص أثر من مؤثر اضطراراً. والنوع هو المقول على كثير مختلفين بالأشخاص. وهو كثير
|
|||
|
بحقيقته ذاتياً، فهو فيه بنوع عرضي. والعارض للشيء من غيره، فالعارض أثر في المعروض فيه، والأثر من المضاف،
|
|||
|
الذات. فالوحدة التي فيه، التي هي بالوضع، لا ذاتي فيه، فليست هي إذن وحدة له بالحقيقة. وما لم يكن في الشيء
|
|||
|
إنما هو واحد من جهة الوضع، لأن كل شخص فمنقسم فهو إذن بالذات، فالوحدة الشخصية مفارقة للشخص، فهو غير واحد
|
|||
|
أنواعه قولاً متواطئاً؛ والنوع هو في كل واحد من أشخاصه، إذ هو مقول على كل واحد من أشخاصه قولاً متواطئاً؛ والشخص
|
|||
|
وبأنه كل، وبأنه جزء، وبأنه جميع، وبأنه بعض. ولأن الجنس هو في كل واحد من أنواعه، إذ هو مقول على كل واحد من
|
|||
|
من المقولات، والكائن من المقولات بأنه جنس، وبأنه نوع، وبأنه شخص، وبأنه فصل، وبأنه خاصة، وبأنه عرض عام،
|
|||
|
الكل، فقسمة بأقدار ليست بمتساوية، فبعضه ولم يساو بين أبعاضه، فيكون جزءاً له، فالواحد إذن يقال على كل واحدة
|
|||
|
بين الجزء والبعض فرق، لأن الجزء يقال على ما عدا الكل، فقسمة بأقدار متساوية. والبعض يقال على ما لم يعد
|
|||
|
يقال جميع الماء، إذ ليس هو أشياء مختلفة قائمة على كل واحد بطباعها. بل يقال كل الماء إذ هو متحد. وكذلك
|
|||
|
قائم بطباعه غير الآخر فيقع عليها اسم المجموعة. فأما الكل فيقال على كل متحد لأي نوع كان الاتحاد، فلذلك لا
|
|||
|
ولا يقال جميع الماء، لأن الجميع أيضاً يقال على جمع مختلفات بعرض أو أن تكون موجودة لمعنى ما، وكل واحد منها
|
|||
|
وما لحق ذلك من المختلفة الأجزاء. وكل الجليل وهي أشخاص مختلفة. فأما الجميع فلا تقال على المشتبهة الأجزاء،
|
|||
|
وعلى اللاتي ليست بمشتبهة الأجزاء، كقولنا كل الماء، والماء من المشتبهة الأجزاء. وكل البدن المركب من عظم ولحم
|
|||
|
على الجميع، ويقال على البعض. وقد نظن أن الكل لا فصل بينه وبين الجميع، لأن الكل يقال على المشتبهة الأجزاء،
|
|||
|
صار واحداً بالإيجاد العرضي، فأما البيت عينه فبالاتحاد الطبيعي. ويقال أيضاً على الكل، ويقال على الجزء، ويقال
|
|||
|
فإن البيت متصل بالطبع، وتركيبه متصل بعرض، أعني بالمهنة، فهو واحد بالطبع، وتركيبه واحد بالمهنة، لأنه إنما
|
|||
|
تقدم. والشخص إما أن يكون طبيعياً كالحيوان، أو النبات، وما أشبه ذلك؛ وإما أن يكون صناعياً كالبيت، وما أشبه.
|
|||
|
فهو يقال إذن على أنواع شتى: ومنها الجنس، والصورة، والشخص، والفصل، والخاصة، والعرض العام، وعلى جمع ما قد
|
|||
|
تقدم ذلك فلنقل على كم نوع يقال الواحد، فنقول: إن الواحد يقال على كل متصل، وعلى ما لم يقبل الكثرة أيضاً.
|
|||
|
والشخص والفصل جوهرية، والخاصة والعرض العام عرضية - وإما كلاء وإما جزءاً، وإما مجتمعاً، وإما مفترقاً. وإذ قد
|
|||
|
شخصاً، وإما فصلاً، وإما خاصة، وإما عرضاً عاماً - وهذه جميعاً يجمعها شيئان: هما الجوهر والعرض. فالجنس والصورة
|
|||
|
لذلك عرضاً عاماً على حاله، لأنه لم يعرض لأشياء كثيرة. فكل ملفوظ له معنى إما أن يكون جنساً، وإما صورة، وإما
|
|||
|
الحمار، فيسمى لذلك خاصة، لأنه يخص شيئاً واحداً، أو يكون في أشياء كثيرة يعمها كالبياض في الورق والقطن، فسمي
|
|||
|
الذي في الجوهر لا يخلو من أن يكون في شيء واحد مفرداً به، خاصاً له دون غيره، كالضحك في الإنسان، والنهيق في
|
|||
|
وعدمه بعدم الشيء الموضوع له فهو إذن في الجوهر الموضوع، وليس بجوهري بل عارض للجوهر. فسمي لذلك عرضاً. وهذا
|
|||
|
الأشياء من بعض. وأما الذي ليس بذاتي، فهو ضد هذا التقدم وصفه. وهو الذي قوامه بالشيء الموضوع له، وثباته به،
|
|||
|
الجوهري المفرق، فهو الفارق بين حدود الأشياء، كالناطق الفاصل لبعض الحي من بعض. وهذا هو المسمى فصلاً، لفصله بين
|
|||
|
على كل صورة من صور الحي كالإنسان والفرس. وهذا المسمى جنساً، إذ هو جنس واحد واقع على كل واحد من الصور. أما
|
|||
|
المسمى صورة، إذ هي صورة واحدة واقعة على كل واحد من هذه الأشخاص. وإما أن تقع على صورة كثيرة كالحي الواقع
|
|||
|
وحده، إما أن يقع على أشخاص، كالإنسان الواقع على كل واحد من أوحاد الناس، أعني على كل شخص إنساني، وهذا هو
|
|||
|
كثيرة يعطي كل واحد منها حده وأيسه، فهو يجمعها بذلك. والواقع على أشياء كثير بأن يعطي كل واحد منها أيسه
|
|||
|
جوهرياً، لأن به قوام جوهر الشيء. والجوهري لا يخلو من أن يكون جامعاً أو مفرقاً. أما الجامع، فالواقع على أشياء
|
|||
|
كالحياة التي بها قوام الحي وثباته، وبعدمها فساد الحي وانتقاصه. فالحياة ذاتية في الحي. والذاتي هو المسمى
|
|||
|
ذاتية. أعني بالذاتي ما هو مقوم ذات الشيء، وهو الذي وجوده قوام كون الشيء وثباته، وعدمه انتقاص الشيء وفساده.
|
|||
|
الكلية المتناهية المحيط بها العلم كمال علم حقائقها. والأشياء الكلية العامة لا تخلو من أن تكون ذاتية، أو غير
|
|||
|
لم يكن متناهياً لم يحط به علم، والفلسفة عالمة بالأشياء التي لها علمها بحقائقها. فهي إذن إنما تطلب الأشياء
|
|||
|
له معنى لا يخلو من أن يكون كلياً أو جزئياً، والفلسفة لا تطلب الأشياء الجزئية؛ لأن الجزئيات ليست متناهية، وما
|
|||
|
مطلوب فيه، والفلسفة إنما تعتمد ما كان فيه مطلوب، فليس من شأن الفلسفة استعمال ما لا مطلوب فيه. وما كان
|
|||
|
أردنا أن نوضح. وإذ قد تبين ذلك فنقول: إن كل لفظ فلا يخلو من أن يكون ذا معنى أو غير معنى، فما لا معنى له فلا
|
|||
|
علة ذاته، وذاته معلولة أيضاً، أن يكون هو هو، وهو لا هو. فليس يمكن إذن أن يكون شيء علة كون ذاته، وذلك ما
|
|||
|
يمكن. فليس يمكن أن يكون أيساً وذاته أيس، وهو علة كون ذاته. ومثل هذا أيضاً يعرض إن كان ليساً وذاته ليس، وهو
|
|||
|
معلولة. فذاته هي لا هو، وكل شيء فذاته هي هو. فيجب إذن من هذا الفن أن يكون هو لا هو، وهو هو، وهذا خلف لا
|
|||
|
ذاته المكونة لها، فذاته معلولة. والعلة غير المعلول. فقد عرض له إذن أن يكون علة ذاته، وعرض لذاته أن تكون
|
|||
|
يمكن أن يكون أيساً وذاته ليس. وكذلك أيضاً يعرض إن كان أيساً وذاته أيس، وكان علة كون ذاته، لأنه إن كان علة
|
|||
|
له غير ما عرض لذاته. فيجب من ذلك - كما قدمنا - أن يكون هو هو، وهو لا هو. وهذا خلف لا يمكن أيضاً. فليس لإذن
|
|||
|
لا هو، وهو هو، وهذا خلف لا يمكن أيضاً. وكذلك يعرض إن كان أيساً وذاته ليس، أعني أن تكون ذاته غيره، إذ عرض
|
|||
|
يعرض للآخر، فإذا عرض له أن يكون ليساً، وعرض لذاته أن يكون أيساً، فذاته هي لا هو. وكل شيء فذاته هي هو، فهو
|
|||
|
كان ليساً وذاته أيس. ويعرض من ذلك أيضاً أن يكون ذاته غيره، لأن المتغايرات هي التي يمكن أن يعرض لأحدهما مال
|
|||
|
قدمنا، فهو لا علة كون ذاته. وقد تقدم أنه علة كون ذاته، وهذا خلف لا يمكن. فليس يمكن أن يكون كون ذاته، إن
|
|||
|
ليساً وذاته ليس. وكذلك يعرض إن كان ليساً وذاته أيس، لأنه أيضاً إذ هو ليس لا شيء، ولا شيء لا علة ولا معلول كما
|
|||
|
إذ ليس هو علة مطلقة. وقد قيل إنه علة كون ذاته، وهذا خلف لا يمكن. فليس يمكن أن يكون علة كون ذاته إن كان
|
|||
|
شيء. ولا شيء لا علة ولا معلول، لأن العلة والمعلول إنما هما مقولان على شيء له وجود ما، فهو إذن علة كون ذاته،
|
|||
|
وذاته أيس، أو يكون أيساً وذاته ليس. أو يكون أيساً وذاته أيس. فإن كان ليساً وذاته ليس، فهو لا شيء، وذاته لا
|
|||
|
شيء. فإنه قد يقال كون في مواضع أخر للكائن من شيء خاصة. لأنه لا يخلو من أن يكون ليساً وذاته ليس، ويكون ليساً
|
|||
|
ذاته أم لا يمكن ذلكن فنقول: إنه ليس ممكن أن يكون الشيء علة كون ذاته، أعني تكون ذاته مهوية من شيء أو من لا
|
|||
|
من الجزء الأول وقد يتلو ما قدمنا البحث عن الشيء، هل يمكن أن يكون علة كون
|
|||
|
|
|||
|
الفن الرابع
|
|||
|
|
|||
|
جميعاً لا تنقسم بالفعل ولا بالقوة إلى غير نوعها. وكل واحد منها قابل للتفضيل والتكثير قبولاً دائماً إلى نوعه.
|
|||
|
والزمان. فإن مفصول الجرم جرم، ومفصول السطح سطح، ومفصول الخط حط، ومفصول المكان مكان، ومفصول الزمان زمان، فهذه
|
|||
|
طباعه إلى غيره، بل كل مفصول منه يحتمل حده واسمه كجميع الأعظام المتصلة، أعني الجرم والسطح والخط والمكان
|
|||
|
أجزاء لأنه عظيم ما، إذا لحقه الصغر فهو متكثر. ويقال لا ينقسم بالفعل أيضاً، وإن فصل تفصيلاً دائماً، لم يخرج من
|
|||
|
إذ هو جسم، فهو متكثر. أو كالذي يصغر جداً على الآلة القاسمة فإن يقال له لا ينقسم، إذ ليس آلة تقسمه. وهو ذو
|
|||
|
الذي لا ينقسم بالفعل فكالذي لا ينقسم لصلابته، كحجر الماس أعني أنه الانقسام عسر. وهذا هو ذو أجزاء اضطراراً،
|
|||
|
الذي بالعنصر، وقد يقال للواحد الذي لا ينقسم كما قدمنا. والذي لا ينقسم إما لا ينقسم بالفعل وإما بالقوة. أم
|
|||
|
لعدة من جهة المثل أعني الربو والضمر. فالواحد الحق لا يقال بنوع العنصر. فليس يقال بواحد من أنواع الواحد
|
|||
|
ضمر بالقوة. فيقال واحد الرابي الضامر، أي أن الرابي هو الضامر. وهذا متكثر أيضاً من جهة العنصر. إذ العنصر
|
|||
|
والأشياء التي تقال على شيء فيلحقها شيء آخر كالربو المقول على الرابي فإنه يلحقه الضمر، فإن الذي له ربو له
|
|||
|
بالفعل. وقد يتكثر هذا أيضاً إذ العنصر لعدة مثل. وقد يقال هذا النوع من الواحد بالقوة، أعني الواحد بالعنصر،
|
|||
|
المقول على الفاسد فإنه يلحقه الكون، إذ فساد الفاسد كون لآخر. فإنه يقال: إن الكائن هو الفاسد بالعنصر. وهذا
|
|||
|
موجود لمثل كثيرة. وأيضاً قد يقال واحد بالعنصر الأشياء التي تقال على شيء فيلحقها شيء آخر اضطراراً، كالفساد
|
|||
|
متكثر متجزء. ومن جهة مثلها. وأيضاً اللاتي هي واحدة بالعنصر الأول، أعني بالإمكان، متكثرة من جهة العنصر، إذ هو
|
|||
|
منه أشياء مختلفة المثل، فإنه يقال الباب والسرير واحد بالعنصر. وهذه أيضاً كثير من جهة عنصرها، إذ عنصرها
|
|||
|
أو انفعال، أو إضافة، أو غير ذلك من التغاير، كالباب والسرير التي عنصرها واحد، أعني خشباً أو أي عنصر صنع
|
|||
|
الحق واحداً بنوع من اشتباه الاسم. وإذ قد يقال واحد للتي عنصرها واحد، إلا أنها تغاير بغيرية ما، إما فعل،
|
|||
|
اللفظ، والعين في اللفظ علة العين في الخط. وهذا النوع من الواحد متكثر أيضاً إذ هو مقول على كثير. فليس الواحد
|
|||
|
ذاتها، وفي الفكرة، وفي اللفظ، وفي الخط. والعين في ذاتها علة العين في الفكر، والعين في الفكر علة العين في
|
|||
|
هو جوهر. والمفكر فيه الذي هو جوهر منبىء عن العين الذي هو جوهر. وقد يقال لهذه جميعاً واحداً أعني العينفي
|
|||
|
قائمة. فإن الخط الذي هو جوهر منبىء عن اللفظ الذي هو جوهر، واللفظ الذي هو جوهر منبىء عن المفكر فيه الذي
|
|||
|
السبع، ولا السبع علة الكوكب. وقد توجد متشابهة بالاسم بعضها علة بعض كالمخطوط، والملفوظ، والمفكر فيه، والعين
|
|||
|
وعنصر هذا الكلب متكثر أعني السبع والكوكب. وهذه المشتبهة بالاسم ليس منها شيء علة لشيء، لأن الكوكب ليس علة
|
|||
|
في ألفاظنا المشتبهة بالاسم كالسبع المسمى كلباً، والكوكب المسمى كلباً، فإنه يقال إنهما واحد بالاسم أي كلب.
|
|||
|
والشفرة والسكين متجزئة متكثرة. وأيضاً الأسماء المقولة عليها متكثرة. فالواحد الحق لا أسماء مترادفة. وأيضاً إذ
|
|||
|
متكثر أيضاً، لأن عنصره، وما يقال على عنصره متكثر. فإن حديدة الذبح التي هي عنصر المترادفة، التي هي المدية
|
|||
|
كالشفرة والمدية المرادفة حديدة الذبح، فقد يقال واحد للمترادفة، وأنه يقال المدية والشفرة واحد، وهذا الواجد
|
|||
|
بنوع ما إذ هو كل كما قدمنا، وأن الوحدة تقال على الكل. والوحدة بحق لا عقل. وإذ في ألفاظنا الأسماء المترادفة
|
|||
|
النفس من القوة إلى الفعل. والكليات متكثرة، كما قدمنا، فالعقل متكثر. وقد نظن أنه أول متكثر. وهو متوحد
|
|||
|
خارجة من القوة إلى الفعل، هي عقل النفس المستفاد الذي كان لها بالقوة. فهي العقل الذي بالفعل الذي أخرج
|
|||
|
فإنها باتحادها بالنفس صارت النفس عاقلة، أي لها عقل ما أتى لها كليات الأشياء. فكليات الأشياء إذ هي في النفس
|
|||
|
بالقوة إلى أن صارت عاقلة بالفعل، أعني متحدة بها، أنواع الأشياء وأجناسها، أعني كلياتها. وهي كليات أعيانها،
|
|||
|
بالقوة، فإنما يخرجه الفعل شيء آخر، وهو ذلك المخرج من القوة إلى الفعل بالفعل. والذي أخرج النفس التي هي عاقلة
|
|||
|
معقولة، والنفس عاقلة بالفعل عند اتحاد الأنواع بها. وقبل اتحادها بها كانت عاقلة بالقوة وكل شيء هو كشيء
|
|||
|
والأشخاص محسوسة، أعني بالأشخاص جزئيات الأشياء التي لا تعطي شيئاً أساميها ولا حدودها - فإذا اتحدت بالنفس فهي
|
|||
|
نفس. ولأن نهاية الفكر إذا سلكت على سبل مستقيمة إلى العقل - وهو أنواع الأشياء، إذ النوع معقول وما فوقه،
|
|||
|
لكل كثرة وكل جزء، إذ هي معدودة، وهذه أعراض النفس، فهي متكثرة أيضاً ومتوحدة بهذا النوع، فالواحد الحق لا
|
|||
|
أخلاق لازمة للنفس إلى سرور وغلى آلام كالغضب، والفرق، والفرح والحزن، وما كان كذلك. فالفكر متكثرة ومتوحدة إذ
|
|||
|
أو خطوطنا وجوداً عرضياً، فإن الحركة موجودة في النفس: أعني أن الفكر ينتقل من بعض صور الأشياء إلى بعض، ومن
|
|||
|
لا حركة. وإذ كل مدرك بالحس والعقل، إما أن يكون موجوداً في عينه أو في فكرنا وجوداً طبيعياً، وإما في لفظنا
|
|||
|
الكل المطلق. وجزؤها واحد، إذ الواحد يقال على الجزء المطلق. فإذن - الكثرة موجودة في الحركة - فالواحد الحق
|
|||
|
بأقسام زمان الاستحالة. فجميع الحركات منقسمة؛ وهي أيضاً متوحدة. لأن كل حركة فكلها واحدة؛ إذ الوحدة تقال على
|
|||
|
الكون والفساد بحركة الربو والنقص والفساد منقسمة جميعاً. وكذلك الاستحالة شديد، والاستحالة إلى التمام، منقسمة
|
|||
|
النقص. وكذلك الكون والفساد؛ فإن من بدء الكون والفساد إلى نهاية الكون والفساد، منقسماً بقسم الزمان الذي فيه
|
|||
|
نهايات الرابي والناقص منقسمة لوجودها في أقسام المكان ما بين نهاية الجرم قبل النقص إلى نهايته في نهاية
|
|||
|
أقسام: منقسم بأقسام المكان فهو متكثر، فالحركة المكانية متكثرة. وكذلك الربوية والنقصية متكثرة فإن حركة
|
|||
|
مكان، أو ربو أو نقص، أو كون أو فساد، أو استحالة. والحركة متكثرة لأن المكان كمية، فهو منقسم. فالموجود في
|
|||
|
واحداً من هذه. والحركة فيما هو من هذه، أعني الجسم الذي هو هيولى مصورة، إذ الحركة إنما هي نقلة من مكان إلى
|
|||
|
والخاصة والعرض العام والكل والجزء والجميع. وكذلك الواحد يقال على كل واحد من بعده. فإن الواحد الحق ليس هو
|
|||
|
متكثر بنوع ما. وقد قيل إن الكثرة تكون في كل واحد من المقولات، وفيما يلحقها من الجنس والنوع والشخص والفصل
|
|||
|
لأن الذي هو كذلك أيضاً منقسم، لأن كل كمية أو ذي كمية يقبل الزيادة والنقص. وما قبل النقص منقسم، والمنقسم
|
|||
|
ينقسم بها، ولا صورة مؤتلفة من جنس وأنواع، فإن الذي هو كذلك يتكثر بما ألف منه. ولا هو كمية بتة، ولا له كمية
|
|||
|
الواحد الحق أزلي، ولا يتكثر بتة بنوع من الأنواع أبداً، ولا يقال واحد بالإضافة إلى غيره. فإذ هو الذي لا هيولى له
|
|||
|
يضاف إلى مجانسه، فأقول: لا جنس للواحد الحق. وقد قدمنا أن ما له جنس فليس بأزلي وأن الأزلي لا جنس له، فإذن
|
|||
|
أكثر أو أقل من قول. فإذا تبين ما قدمنا، فليس إذن الواحد بالحقيقة قابلاً للإضافة إلى مجانسه، وإن كان له جنس
|
|||
|
لا يقال قولاً صادقاً: قول أكثر أو أقل من عدد، ولا عدد أكثر أو أقل من قول، بل عدد أكثر أو أقل من عدد، وقول
|
|||
|
بذاته. وكذلك الكثير والقليل لا يقالان فيما يقالان عليه إلا في جنس واحد أعني فيما يقال عليه العدد. والقول فإنه
|
|||
|
طويل وكذلك يقال: قول طويل، أي في زمان طويل. إلا أن القول والعدد يحتمل كل واحد منهما اسم الطول واسم المقصر
|
|||
|
فلا يقال عليه طول ولا قصر بذاته، بل يقال ذلك عليه من جهة الزمان الذي هو فيه. فإنه يقال عدد طويل أي زمان
|
|||
|
الطول والقصر إلا المكان في جنس واحد، أي في جزم فقط، أو سطح فقط، أو مكان فقط، أو زمان فقط. فأما عدد أو قول
|
|||
|
خط للزمان يظهر ظهوراً تاماً، فإنه لا يقال جرم أطول وأقصر من زمان. فبين ألا يقال الطول والقصر لما يقال له
|
|||
|
إلى أن خط هذا أطل من خط هذا. فإن هذه جماعات من الكمية المتصلة. والزمان أيضاً من الكمية المتصلة، فلأنه لا
|
|||
|
أبعاد ما نسبت إليه، والبعد الواحد خط، فإذن إنما نذهب من أن جرماً أطول أو أقصر من سطح أو سطح أو خط أو مكان
|
|||
|
كاذب، لأنه إن ظن أن طول جرم أطول أو أقصر من طول سطح أو خط أو مكان فإن طول كل واحد منها هو بعد واحد من
|
|||
|
أو خط أو مكان أو زمان أو عدد أو قول، وإن ظن أن جزءاً ما أطول أو أقصر من سطح أو خط أو مكان، فإن ذلك ظن
|
|||
|
ولا قول أعظم أو أصغر من واحد من باقي الأعظام بل من قول. وكذلك لا يقال قولاً صادقاً: جسم أطول أو أقصر من سطح
|
|||
|
قول، بل من مكان. ولا زمان أعظم أو أصغر من عدد أو قول، بل من زمان. ولا عدد أعظم أو أصغر من قول، بل من عدد.
|
|||
|
سطح. ولا خط أعظم أو أصغر من مكان أو زمان أو عدد أو قول، بل من خط. ولا مكان أعظم أو أصغر من زمان أو عدد أو
|
|||
|
أصغر مما ليس في جنسه قولاً صادقاً. ولا يقال سطح أعظم أو أصغر، من خط أو مكان أو زمان أو عدد أو قول، بل من
|
|||
|
سطح، أو خط، أو مكان، أو زمان، أو عدد، أو قول، بل من جسم. فكذلك كل واحد من باقي الأعظام لا يقال أعظم ولا
|
|||
|
إلى سطح، ولا إلى خط، ولا إلى مكان، ولا إلى زمان، ولا إلى عدد، ولا إلى قول. فإنه لا يقال جسم أعظم أو أصغر من
|
|||
|
وإنما يضاف كل واحد منهما إلى آخر من جنسه لا من غير جنسه، كالعظم فإنه إن كان جسماً فإنه يضاف إلى جسم آخر لا
|
|||
|
قليلاً بطباعه. فإذا كان العظيم والصغير، والطويل والقصير، والكثير والقليل، لا يقال واحد منهما مرسلاً بالإضافة،
|
|||
|
جمع من واحدين، فهو مركب من واحدين، والمركب ذو أجزاء، فهو كل لأجزائه، والكل أكثر من الجزء، فليس الاثنان
|
|||
|
جميع الأعداد أكثر منه. فإذن إنما هو قليل إذا أضيف إلى الأعداد. فأما إذا توهم طبعه، فهو تضعيف الواحد، فهو
|
|||
|
يتوهم غيره، لم يكن بطباعه قليلاً. فإذن إنما تلحقه العلة إذا أضيف إلى ما هو أكثر منه، فإذن إنما هو قليل إذ
|
|||
|
الوحدانيات، وجميع الوحدانيات، وتأليف الوحدانيات. فإذن الاثنان أول العدد، والاثنان إذا أفرد بطباعه، ولم
|
|||
|
العدد لا عدد بتة. فإذ قد تبين أن الواحد ليس بعدد، فالحد المقول على العدد إذن هو محيط العدد أعني أنه عظيم
|
|||
|
أساسها وحدودها، كالحي في الأحياء، والجوهر في الجواهر، أعني أسماءها الجوهرية لا العرضية. فإذن الواحد ركن
|
|||
|
جواهر - ويحق إذن للأشياء التي تركب منها أشياء فتكون تلك الأركان أجزاء للمركبة منها، لا شيء يمنع من أن يعطيها
|
|||
|
لأنه ركن العدد المقر به عدداً، لأن العدد مركب من آحاد فهو آحاد. كما أن الجسم - إذ هو مركب من جواهر - فهو
|
|||
|
الذي هو صورة - وحده أن يكون كل واحد منهما جسماً، إذ كان المكركب منهما جسماً. وكذلك لا يجب أن يكون الواحد،
|
|||
|
هو جواهر فقط، وهو بطباعه جسم أعني مركباً من عنصر وأبعاد التي هي صورته، ولم يعرض للعنصر وحده، وللبعد -
|
|||
|
التي يركب الجسم منها هي العنصر والصورة. فعرض للجسم - إذ هو مركب - جواهر العنصر والصورة أن تكون جواهر، إذ
|
|||
|
ومنه العدد المقر به المركب من واحد بسيط. وهذا ظن غير صادق، لأن التمثيل عكس. وذلك أن الجواهر الأولى البسيطة
|
|||
|
هو العنصر المصور أعني الجسم. فنظن أنه يمكن أن يكون العدد أيضاً منه بسيط هو الواحد الذي ركب منه المقر به
|
|||
|
جوهرين بسيطين، أعني العنصر والصورة، كما قد قيل أن الجواهر ثلاثة: بسيطان: هما العنصر والصورة ومركب منهما
|
|||
|
وبعضه مركب من ذلك البسيط. ولكن قد يظن أنه ممكن أن يكون كذلك بالجوهر المركب، أعني الجسم الذي هو مركب من
|
|||
|
والثنان مركب من الواحد البسيط، فليس يمكن أن يكون العدد بعضه بسيط هو ركنه - أعني ببسيط لا مركباً من شيء -
|
|||
|
الثلاثة، فله ركن هو الواحد. والواحد وإن كان ركن الاثنين فليس له ركن، فهو لا مركب، فقد فارق الاثنين بأنه بسيط.
|
|||
|
- وهما عدد - ركن الثلاثة، أن الواحد عدد، وهو ركن الاثنين. وهذا الظن غير صادق، لأن الاثنين، وإن ظن أنه ركن
|
|||
|
وقد يظن أن الواحد ركن الاثنين، والاثنين ركن الثلاثة، إذ في الثلاثة اثنان موجودان، فنظن كذلك لإذ كان الاثنان
|
|||
|
لما ركب من الواحد أيضاً، فيكون الواحد عدداً ركنه ركن كل التي نقر بأنها أعداد، فيمكن أن يكون الواحد عدداً.
|
|||
|
العدد المقر به عند الكل مؤلفاً من آحاد، فالواحد ركن العدد، فليس بعدد، وليس للواحد ركن ركب منه فيكون ركناً
|
|||
|
لكلامهن فغنها ليست هي الكلام، لأن الكلام صوت مؤلف موضوع دال على شيء مع زمان، والحرف صوت طباعي لا مؤلف. فإن كان
|
|||
|
إذن: إن ركن الشيء الذي يبنى منه الشيء أعني الذي ركب منه الشيء ليس هو الشيء كالحروف الصوتية التي ركب منها
|
|||
|
فيه الواحد إذ ليس يوجب أنه منقسم اضطراراً. فإذ لم يظهر أنه واجب من هذا البحث أن الواحد ليس بعدد فنقول
|
|||
|
الواحد عدد من أن يحد العدد الفرد بأنه هو العدد الذي انقسم بقسمين. فإن قسميه غير متماثلي الوحدانيات، فيدخل
|
|||
|
هذا الحد الذي حد به العدد الفرد يظن أنه لا يجب إلا بعد أن نبين لأن الواحد ليس بعدد. وإلا فما يمنع من قال إن
|
|||
|
متماثلي الوحدانيات. فالواحد إذن منقسم لا منقسم، وآحاد لا آحاد، وهذا خلف لا يمكن. فإذن ليس الواحد عدداً. ولكن
|
|||
|
آحاد لا آحاد، وهذا خلف لا يمكن أيضاً. وإن لم يكن زوجاً فهو فرد. والفرد هو الذي كل قسمين ينقسم إليهما غير
|
|||
|
إن كانت فيه آحاد فهو مركب من آحاد، فهو مركب من ذاته، وهو واحد، وهو آحاد، والواحد واحد فقط لا آحاد، فهو
|
|||
|
زوجاً فهو منقسم قسمين مما يلي الوحدانيات، والواحد لا ينقسم، فهو لا ينقسم، وهو منقسم، وهذا خلف لا يمكن. وأيضاً
|
|||
|
بالطبع. وأيضاً لا يخلو الواحد من أن يكون عدداً أو لا عدداً، فإن كان عدداً، فإما أن يكون زوجاً، وإما فرداً. فإن كان
|
|||
|
فوق ذلك. فإذن الواحد كمية. فالواحد باقي الأعداد تحت الكمية. فإذن ليس الواحد عدداً باشتباه الأيس، فإذن هو
|
|||
|
أكثر منه، فإنه يجب أن يكون الواحد عدداً، أو له مساو وهو واحد آخر، ولا مساو وهو أكثر منه أعني اثنين وما
|
|||
|
أقل منه، وإنما له أكثر منه. وإن كان يجب أن يكون الاثنان عدداً إذ ليس مساو، وهو اثان آخران، ولا مساو وهو
|
|||
|
وجميع الكمية، مساو ولا مساو، أن لكل عدد عدداً مثله أي أكثر منه وأقل منه، فالاثنان إذن لا عدد، إذ ليس عدد
|
|||
|
فإن كان هذا لا يجب في الأعداد التي لا شك فيها، فليس يجب في الوحدانية. وإن كان معنى قولنا إن خاصة العدد،
|
|||
|
أكثر منه، فتكون للثلاثة ثلاثات بعضها مساو لها، وبعضها أقل منها، وبعضها أكثر منها. وكذلك يجب في كل عدد،
|
|||
|
أقل. لأنه إن كان يلزم الواحد، فهو أيضاً يلزم كل عدد، أعني أن يكون له سمىً مساوياً له، وسمي أقل منه، وسمي
|
|||
|
الواحد إن كان عدداً لزمته خاصة الكمية التي هي مساو ولا مساو، فتكون للواحد آحاد بعضها مساو له، وبعضها أكثر أو
|
|||
|
بالإضافة إلى شيء واحد، كالطبيات إلى الطب، والمبرئات إلى البرء. ولكن كيف يمكن أن يكون هذا الظن صادقاً، أعني أن
|
|||
|
يقال إنها أعداد باشتباه الاسم لا بالطبع، فإذن الواحد ليس بعدد بالطبع، بل باشتباه الاسم. إذ ليس يقال الأعداد
|
|||
|
الاثنين وما فوقه كمية فإن الواحد ليس تحت الكمية، فهو تحت مقولة أخرى. فإذن الواحد هو وباقي الأعداد، إنما
|
|||
|
بالواحد بل إلى الوحدة عينها، فالوحدة لا تنقسم بتة. فإن كان الواحد عدداً، وليس بكمية، وباقي الأعداد أعني
|
|||
|
الأفراس معدودة بالخمسة التي هي عدد لا هيولى له؛ وإنما الهيولى في الأفراس. فلا نذهبن من قولنا زاحد إلى الموحد
|
|||
|
يوجد بالواحد، فصار واحداً، فإن ذلك موجود لا واحداً. والمؤلفة من ذلك معدودات لا عدد كقولنا: خمسة أفراس، فإن
|
|||
|
ليس، وهذا خلف لا يمكن فليس الواحد إذن عدداً. ولا نذهبن من قولنا: واحد، إلى هيولى الواحد أعني العنصر الذي
|
|||
|
الواحد الأصغر بعد الواحد الأكبر، أو بعد بعضه. فالواحد الأكبر بعض، فهو منقسم، والواحد لا ينقسم، فانقسامه أيس
|
|||
|
وتلزمه؛ أعني أنه مساو، ولا مساو، فإن كان للواحد أوحاد بعضها مساوية له، وبعضها لا مساوية له فالواحد منقسم، بأن
|
|||
|
يلحقنا من ذلك شناعة قبيحة جداً. لأنه إن كان الواحد عدداً فهو كمية ما، وإن كان الواحد كمية فخاصية الكمية تلحقه
|
|||
|
عدداً، ولا شيء أقل من الواحد، فالواحد هو الأقل المرسل، وهذا ظن ليس بصادق، لأنا إن قلنا إن الواحد عدد نظن أنه
|
|||
|
الاثنين، فإن الاثنين أقل الأعداد. فالاثنان هو القليل المرسل، إذ ليس هو كثير، إذ لا عدد أقل منه. وإن كان الواحد
|
|||
|
واحد. وأما القليل فقد نظن أنه يقال مرسلاً. وذلك أنه يظن أنه كان أول العدد اثنين، وكل عدد غير الاثنين أكبر من
|
|||
|
يعرض العظيم والصغير، والطويل والقصير، من أنه لا يقال قولاً مرسلاً بالإضافة. وبيان ذلك بما قدمنا؛ فإن التدبير
|
|||
|
بمثل ما قدمنا في العظيم والصغير. فأما القليل والكثير فإنهما خاصة للكمية المنفصلة، وقد يعرض للكثير ما
|
|||
|
فيقالان على كل كمية متصلة خاصان لهما دون غيرها من الكميات. وإنما يقالان بالإضافة أيضاً قولاً مرسلاً. وبيان ذلك
|
|||
|
يكون صغيراً مرسلاً، وإنما يكون الصغير بالإضافة أيضاً. والعظيم والصغير يقالان على كل كمية. فأما الطويل والقصير
|
|||
|
أصغر منه. إذن قد تبين أنه لا يكون شيء لا شيء أعظم منه، لا بالقوة ولا بالفعل بتة. وبهذا التدبير تبين أنه لا
|
|||
|
وإن كان العظيم المرسل هو العظيم بالإضافة، فالمرسل والإضافة اسمان مترادفان لشيء واحد، وهو ما كان شيء آخر
|
|||
|
بالإضافة، إذ لا يقال عظيم إلا مرسلاً أو بالإضافة. فإن كان العظيم المرسل لا عظيماً، فهو لا هو، وهذا خلف لا يمكن.
|
|||
|
المرسل إنما يراد به ما لا شيء أعظم منه، فإذن العظيم المرسل لا عظيم مرسل فإما ألا يكون عظيم، وإما أن يكون عظيم
|
|||
|
الكل أعظم من الجزء. فإن ضعف العظيم الذي ظن أنه مرسل أعظم من العظيم المظنون أنه العظيم المرسل. والعظيم
|
|||
|
الجزء، وهذا خلف لا يمكن. وكذلك يعرض إن كان أصغر منه أن يكون الكل أصغر من الجزء، وهذا أشد إحالة وبشاعة. فإذن
|
|||
|
المرسل أعظم من العظيم المرسل فهو مثله أو أصغر منه. فإن كان مثله عرض من ذلك محال بشع: وهو أن يكون الكل مثل
|
|||
|
والنصف جزء الكل، فذو الضعف جزء الضعف. فإذن العظيم المرسل كل، والعظيم المرسل جزء، فإن لم يكن ضعف العظيم
|
|||
|
العظيم المرسل موجود بالفعل أو بالقوة. فإذن للعظيم المرسل ضعف، والضعف كل لذي الضعف، وذو الضعف نصف للضعف،
|
|||
|
لا ضعف له بالفعل ولا بالقوة، وتضعيف الشيء تثني كميته، وتثنية كميته موجودة بالفعل أو بالقوة، فإذن تثنية
|
|||
|
لا يمكن. فإذن ليس شيء يمكن أن يكون شيء آخر أعظم من العظيم المرسل، لا بالفعل ولا بالقوة. فإذن قد وجد عظيم
|
|||
|
عرض له أن يكون صغيراً، إذ آخر أعظم منه، فإن لم يكن كذلك، فالذي هو أعظم منه أصغر منه أو مثله، وهذا خلف
|
|||
|
لا نهاية له بالفعل، ولا بالقوة، لأنه إن كان شيء آخر أعظم منه بالفعل أو بالقوة، فليس هو عظيم مرسلاً، لأنه قد
|
|||
|
بالقوة بتة. لأنه لم يكن يمكن أن يكون شيء آخر أعظم من المقول عليه عظيم قولاً مرسلاً. فكان العظيم المرسل ليس
|
|||
|
ولو كان يقال العظيم مرسلاً على ما يقال عليه العظيم، وكذلك الصغير، لم يكن لما لا نهاية له وجود لا بالفعل ولا
|
|||
|
وكذلك يقال للهناة عظيمة إذا أضيفت إلى هناة أصغر منها. ويقال للجبل الصغير إذا أضيف إلى جبل آخر أعظم منه.
|
|||
|
شيء منها على شيء قولاً مرسلاً بل بالإضافة فإنه إنما يقال عظيم عندما هو أصغر منه، وصغير عندما هو أعظم منه.
|
|||
|
بالحقيقة، ولنقدم كذلك ما يجب تقديمه فنقول: إن العظيم والصغير، والطويل والقصير، والكثير والقليل، لا يقال
|
|||
|
وهو الجزء الأول فلنقل الآن بأي نوع توجد الوحدة في المقولات، وما الواحد بالحق، وما الواحد بالمجاز لا
|
|||
|
|
|||
|
القدرة التامة، والقوة الكاملة، والجواد الفائض. والحمد لله رب العالمين، وصلواته على محمد النبي وآله أجمعين.
|
|||
|
بإفادة الواحد الحق جل وتعالى عن صفات الملحدين، فلنكمل هذا الفن، ولنتله بما يتلو ذلك تلواً طبيعياً، بتأييد ذي
|
|||
|
أرادنا إيضاحه من تمييز الواحدات ليظهر الواحد الحق، المفيد المبدع، القوي الممسك، وما الواحدات بالمجاز، أعني
|
|||
|
الحق إذن هو الأول المبدع الممسك كل ما أبدع، فلا يخلو شيء من إمساكه وقوته، إلا عاد ودبر. فإذن قد تبين ما
|
|||
|
الوحدة، وتوحدها هو تهويها. فبالوحدة قوام الكل، لو فارقت الوحدة عادت ودبرت مع الفراق معاً بلا زمان. فالواحد
|
|||
|
الحق الأول - إذ هو علة مبدأ التهوي أي الانفعال - فهو المبدع جميع المتهويات. فإذن لا هوية إلا بما فيها من
|
|||
|
الإبداع هو الحق الأول. والعلة التي منها مبدأ الحركة، أعني المحرك مبدأ الحركة. أعني المحرك هي الفاعل، فالواحد
|
|||
|
لم يفد الوحدة من مفيد، بل هو بذاته واحد. والذي يهوي مبدع. وإذ كانت علة التهوي الواحد الحق الأول، فعلة
|
|||
|
محسوس، وما يلحق المحسوس، فيوجد كل واحد منها إذن يهوي بهوية إياها. فإذن علة التهوي من الواحد الحق، الذي
|
|||
|
الوحدة عن الواحد الحق الأول، هو انفعال يوجد ما لم يكن. فإذن فيض الوحدة عن الواحد الحق الأول، هو تهوي كل
|
|||
|
اضطراراً، فباضطرار إن لم تكن وحدة لم تكن كثرة بتة. فإذن كل متهو إنما هو انفعال يوجد ما لم يكن. فإذن فيض
|
|||
|
الوحدة والكثرة معاً وكانت الوحدة فيها جميعاً أثراً من مؤثر عارضاً فيه لا بالطبع، ولا كانت الكثرة جماعة وحدانيات
|
|||
|
واحد لا يتكثر بتة، وليس وحدته شيئاً فير هويته. فإذا كان كل واحد من المحسوسات، وما يلحق المحسوسات، فيها
|
|||
|
المعلولات للوحدة إنما يذهب عن وحدته إلى غير هوية، أعني أنه يتكثر من حيث يوجد وهو كثير لا واحد مرسل، أعني مرسل
|
|||
|
الول. وكل قابل للوحدة فهو معلول، فكل واحد غير الواحد بالحقيقة فهو الواحد بالمجاز لا بالحقيقة، فكل واحد من
|
|||
|
غيره، لأنه لا يمكن أن تكون المفيدات بعضها لبعض بلا نهاية في البدء. وعلة الوحدة في الموحدات هو الواحد الحق
|
|||
|
يمكن أن تكون الأشياء بلا نهاية بالفعل. فأول علة للوحدة في الموحدات هو الواحد الحق الذي لم يفد الوحدة من
|
|||
|
فيما هو فيه بالعرض، فكل ما كان في شيء يعرض فمعرضه فيه غيره، إما ما ذلك الشيء فيه يعرض، وإما بالذات، وليس
|
|||
|
جزء، ولا للجوهر ولا للعرض، ولا ينوع من أنواع القسمة أو التكثر بتة. فأما الواحد بجميع الأنواع غيره، فإذا كان
|
|||
|
ولا ينقسم بنوع من الأنواع، ولا من جهة ذاته، ولا من جهة غيره، ولا زمان ولا مكان، ولا حامل ولا محمول، ولا كل ولا
|
|||
|
الأشياء، فهي غير الواحد الحق، كما قدمنا. والواحد الحق هو الواحد بالذات الذي لا يتكثر بتة بجهة من الجهات،
|
|||
|
بالحقيقة. فهو إذن وحدة فقط محض. أعني لا شيء غير وحدة. وكل واحد غيره فمتكثر. فإذن الوحدة، إذ هي عرض في جميع
|
|||
|
ذو جنس، ولا ذو فصل، ولا ذو شخص، ولا ذو خاصة، ولا ذو عرض عام، ولا متحرك ولا موصوف بشيء مما بقي أن يكون واحداً
|
|||
|
الحق إذن لا ذو هيولى ولا ذو صورة، ولا ذو كمية، ولا ذو كيفية، ولا ذو إضافة، ولا موصوف بشيء من باقي المعقولات؛ ولا
|
|||
|
يحلق مسامتها. وإذ هذه التي ذكرنا أبسط مما هي له، أعني ما يقال عليه، فما يقال عليه أشد تكثراً، فالواحد
|
|||
|
التكثير؛ ولا المركب كثير ولا واحد مما ذكرنا أنه موجود فيه أنواع جميع أنواع الواحد التي ذكرنا. ولا يلحقه ما
|
|||
|
حركة، ولا نفس، ولا عقل، ولا كل، ولا جزء، ولا جميع، ولا بعض، ولا واحد بالإضافة إلى غير مثل واحد مرسل، ولا يقبل
|
|||
|
أن الواحد الحق ليس هو شيء من المعقولات ولا عنصر، ولا جنس، ولا نوع، ولا شخص، ولا فصل، ولا خاصة، ولا عرض عام، ولا
|
|||
|
ما ينسب إليه. وبين أن الهوية تقال على كل ما عليه الواحد. فالهوية تقال لما بعده أنواع الواحد. فقد تبين
|
|||
|
بكل نوع من هذه. فيقال كثير إما لأنه لا متصل فهي منفصلة، ولأن عنصرها ينقسم للصور، أو صورها للجنس، أو إلى
|
|||
|
واحد بالصورة، ولا ما كان واحداً بالصورة فهو واحد بالعدد. فبين أن مقابل الوحدة الكثرة. فالكثرة إذن تقال
|
|||
|
واحداً بالجنس فهو واحد بالنسبة. وليس ما كان واحداً بالنسبة فهو واحد بالجنس، ولا ما كان واحداً بالجنس فهو
|
|||
|
أواخرها أعني أن ما كان واحداً بالعدد فهو واحد بالصورة، وما كان واحداً بالصورة فهو واحداً بالجنس، وما كان
|
|||
|
بالعدد، ثم الواحد بالصورة، ثم الواحد بالجنس، ثم الواحد بالمساواة يتبع أواخرها أوائلها، ولا يتبع أوائلها
|
|||
|
بالمساواة هي التي نسبتها واحد كالأشياء الطبية المنسوبة جميعاً إلى الطب. وجميع هذه الأنواع التي ذكرنا أعني الواحد
|
|||
|
حدها واحد. والواحد بالجنس هي التي حد محمولها واحد. والتي بالاسم أعني بها ما هي بالمساواة واحد، والواحد
|
|||
|
بالاتصال هو الواحد بالعنصر أو بالرباط، وهو الذي يقال له واحد بالعدد أو بالشكل. والواحد بالصورة هي التي
|
|||
|
العنصر، وإما بالصورة وهو من حيز النوع، وإما بالاسم وهو من حيزهما جميعاً، وإما بالجنس وهو من حيز الأول. فالواحد
|
|||
|
عليه الواحد مما ذكرنا أنه يقال واحد. وهن جميعاً ما جوهرها واحد، وينقسم قسمة أولى إما بالاتصال وهو من حيز
|
|||
|
كانا يقالان على رجل واحد أو على الإنسان، أو الإنسان والكاتب واحد، وما كان كذلك. وأما بالذات فباقي ما يقال
|
|||
|
فكنوع المقول بالاسم المشترك، وأما بالأسماء المترادفة أو جامع أعراض كثيرة مقولنا الكاتب والخطيب واحد، إذا
|
|||
|
من باقي أنواع الواحد وأشدها توحداً. فقد تبين مما قلنا أن الواحد يقال إما بالذات وإما بالعرض. أما بالعرض
|
|||
|
كامل. وما كان كذلك فهو متكثر بتفضله أيضاً. وأحرى بأن يكون الذي لا ينقسم أشد التي يقال واحد استحقاقاً للوحدة
|
|||
|
يقال إن خط الدائرة أشد استحقاقاً للواحد من غيره من الخطوط، إذ هو كل الحد، لأنه لا نقص فيه ولا زيادة، بل كل
|
|||
|
الكلية، فإنه يقال رطل واحد، لأنه إن انفصل من كلية الرطل شيء، بطل الرطل، فلم يك كلاً لرطل واحد. وكذلك ما
|
|||
|
متكثرة بحاملاتها أعني الزمان الماضي، والزمان الآتي التي هي مشتركة لهما. ويقال واحد أيضاً الذي لا ينقسم من جهة
|
|||
|
أحدهما له وضع كعلامة الخط التي هي نهايته، فإنه لا آخر لها، لأنها نهاية بعد واحد، ونهاية البعد لا بعد. وهي
|
|||
|
آخر، وهو ما كان كذلك، لأنه لا جزء له مثله، ولا مثل غيره، وأيضاً وهو مشترك، وما كان كذلك فإنه يقال على نوعين:
|
|||
|
بمتصلة، ولا وضع للعلل التي بها الواحد العددي لا منقسم، وهو مكيال الألفاظ فقط. ويقال واحد لأنه لا ينقسم بنوع
|
|||
|
متكثر أيضاً من جهة موضوعاته التي يعدها، وهذا هو الواحد العددي مكيال كلها. والآخر حروف الأصوات فإنها ليست
|
|||
|
كالواحد العددي فإنه ليس بشيء متصل، أعني أن له أبعادا ونهايات فهو شيء متصل، بل هو لا منقسم ولا منفصل. وهذا
|
|||
|
آخر ما كان لا ينقسم لأنه متصلاً. وما كان كذلك فإنه يقال على نوعين أحدهما لأنه ليس بمتصل، ولا وضع له، ولا مشترك
|
|||
|
لما ركب منه؛ وبالتفصيل دائماً أيضاً. وهذه جميعاً من المقول واحد لاتصاله أيضاً. ويقال واحد لأنه لا ينقسم بنوع
|
|||
|
مثال، أو عرضي كذلك، أو نوع، أو جنس، أو فصل، أو خاصة، أو عرض عام. فإنه إن قسم لم يكن هو ما هو. وهو متكثر
|
|||
|
ذاته، كالإنسان الواحد، كمحمد وسعيد. وكالفرس الواحد، كالرائد وذوي العقال، وما كان كذلك من كل شخص طبيعي ذي
|
|||
|
واسماً وهذا أيضاً يتكثر لأنه لا ينقسم أي كل قابلاً دائماً. ويقال أيضاً لا ينقسم بالفعل ولا بالقوة الذي إن قسم بطلت
|
|||
|
لنهاياته كحد العلامات لنهايات الخط. كذلك كل مشتبه الأجزاء يقال به واحد لأنه لا ينقسم، أي كل مفصول منه محتمل حداً
|
|||
|
ببعديه ونهاياته الأربع، والخط ببعده ونهايتيه. وكذلك المكان يتكثر بنهاياته التي هي الآنات في الزمان الحادة
|
|||
|
وأيضاً فإن الجرم تكثير بأبعاده الثلاثة ونهاياته الست، والسطح
|